للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا حديث صحيح، أخرجه مالك (١) بالإسناد المذكور في الموطأ، وزاد في ذكر مروان: وهو أمير المؤمنين على المدينة.

وأخرج البخاري هذا الحديث في ترجمة باب من كتاب اليمين.

قوله: "عند مقاطع الحقوق" يريد: مفاصلها؛ والموضع الذي يبت أمرها عنده ويقطع الحكم فيها لديه؛ وذلك لأنه مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والموضع الذي كان يحلف فيه الناس.

وأما امتناع زيد من الحلف على المنبر: فيشبه أن يكون تعظيمًا لشأنه، وهربًا من التسرع إلى اليمين عليه، خوفًا أن يصادف ذلك قضاء فيظن أنه كذب في يمينه، فحلف به القضاء حيث حلف على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كان يعلم أن اليمين على المنبر تغليظ لها وليس بواجب عليه، ومروان كان يظن ذلك أو يراه واجبًا, ولم يكن تنبه لغرض زيد في امتناعه، وهو ما ذكرناه من تعظيم أمر المنبر وخوفه، فلذلك كان يعجب من امتناعه لأنه أمر خفي عليه سببه، وقد قال مالك في آخر الحديث: كره زيد صبر اليمين، أي: حبسه ووقوفه لها وإلزامه بها في هذا الموضع الشريف بمشهد من الناس، فإن طلوعه إلى المنبر وحلفه عليه يشهد من أمره ما كان يخفى على أكثر الحاضرين؛ ويراه من لم يره لو حلف مكانه، تقول: صبر الحاكم فلانًا على اليمين، أي ألزمه بها ووقفه في مكانه ليحلف بها.

وقد أخرج الشافعي -رضي الله عنه-: عن إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله".

قال ابن شهاب: ولم يبلغني أنه ذكر وضوءًا.


(١) الموطأ (٢/ ٥٥٩ رقم ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>