للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتهاد: افتعال من الجهد: الوسع والطاقة، أي أنه أعمل فكره ووسعه في الوقوف على حقيقه هذه الحال؛ التي يريد فصلها والحكم فيها. ومنه المجتهد: وهو العالم الذي يجتهد في [الأحكام] (١) العامة والخاصة، فاسم المجتهد المطلق لا يراد به إلا: الناظر في الأحكام الكلية والجزئية من أحكام الشرع أصلاً وفرعًا.

والمجتهد الخاص: هو الناظر في مسألة بعينها على الخصوص.

وقوله: "فأصاب" يريد: وجد الحق الذي طلبه باجتهاده، ولذلك قابله بالخطأ الذي هو ضد الصواب.

والناس في هذه المسألة مختلفون على طريقين:-

فمنهم من قال: كل مجتهد في الظنيات مصيب.

ومنهم من قال: المصيب واحد والباقون مخطئون، إلا أنهم مثابون على الاجتهاد لا على الخطأ الذي أوصله الاجتهاد إليه.

ولذلك قال في المصيب: "فله أجران أجر على اجتهاده وأجر على إصابته"، وقال في المخطئ: "فله أجر على أحد قسمي المصيب وهو الاجتهاد.

وقال الغزالي -رحمه الله-: والمختار عندنا وهو الذي يقطع به وبخطأ المخالف أن كل مجتهد في الظنيات مصيب؛ وأنه ليس فيها حكم لله معين.

وقد اختلفت الروايات عن الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما من الأئمة -رضي الله عنهم- في ذلك. والله أعلم. قال الشافعي -رحمة الله عليه-: قال الله جل ثناؤه-: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ في الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} (٢) قال: قال الحسن


(١) في الأصل [الحاكم] والسياق هكذا لا يستقيم والمثبت هو الأقرب.
(٢) [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>