للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الجبل.

والغرض من هذا الحديث: بيان حد الشام واليمن، وقد جعل المدينة من اليمن بقوله: وأشار بيده إلى جهة المدينة، وقال في جهة الشام: "ما ها هنا"، وقال في جهة اليمن: "من ها هنا" وبينهما فرق وذلك أن قوله: "من ها هنا" يفيد أن ابتداء اليمن من هذه البقعة، وقوله: "ما ها هنا" إشارة إلى أن هذه البقعة من الشام وإن لم يكن متعرضا إلى أنها ابتداء الشام أولاً.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، ولو أن الناس سلكوا واديًا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم".

هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري (١): عن محمد بن بشار، عن غندر، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، وذكر نحوه.

الهجرة: مفارقة الوطن، والانتقال من أرض إلى أرض للمقام بها وترك الأولى للثانية، وأصله من الهجر ضد الوصل، تقول: هجره هجرًا وهجرانًا والهجرة: الاسم، والهجرة في الإسلام: هجرة الحبشة وهجرة المدينة. والمراد بها في هذا الحديث: هجرة المدينة وهي التي تخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه هاجر كما هاجر المسلمون وكان منهم، فقال: لولا أني هاجرت فصرت من جملة المهاجرين، لكنت واحدًا من الأنصار أي: من جملتهم معدودا فيهم.

وهذا وإن كان مسوقا لبيان فضل الأنصار؛ فإن فيه بيان فضل المهاجرين عليهم.

وقوله: "ولو أن الناس سلكوا واديًا أو شعبا" الشعب كالوادي إلا أنه ما كان منه بين جبلين، وقيل: هو مسيل الماء في بطن من الأرض له حرفان


(١) البخاري (٣٧٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>