للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافه إذا وقع، فاحتاج أن يقول: "مما أمرت به أو نهيت عنه" لبيان تعلق الثواب والعقاب به بعد وقوعه، ويجوز أن يكون الأمر في قوله: "يأتيه الأمر من أمري" عبارة عن الشيء، وحينئذ يكون جمعه على أمور تقول: أمر فلان مستقيم وأموره مستقيمة، أي: أحواله، فأما الأمر الذي هو ضد النهي فجمعه على أوامر.

والمتكئ: هو المتمكن من الأرض جالسًا وسواء كان على جنبه أو مقعده والمراد بهذا الحديث: الأمر بلزوم السنة، والنهي عن مخالفة ما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر به من الفرائض والنوافل وقرره وثبته من الأحكام وأنها في لزوم قبولها ووجوب العمل بها تتنزل منزلة كتاب الله -تعالى- فإنه ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: وفي هذا تثبيت الخبر عن رسول - صلى الله عليه وسلم -، وإعلامهم أنه لازم لهم وإن لم يجدوا له نص محكم في كتاب الله -عز وجل.

وهذا الحديث أخرجه في كتاب "اليمين مع الشاهد" (١)، وفي كتاب "الرسالة" (٢) مستدلًا على ما سبق في الحديث قبله.

وفي هذا الحديث: بيان أن لا حاجة بالحديث إلى أن يعرض على الكتاب، فإنه مهما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان حجة بنفسه. كما ذهب إليه الخوارج وغيرهم، فإنهم تعلقوا بظواهر القرآن، وتركوا السنن التي تضمنت بيان القرآن وتخصيص القرآن عامة وإيضاح مشكله.

قال الشافعي -رحمة الله عليه-: ليس يخالف الحديث القرآن، ولكن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبين معنى ما أراد خاصًا، وعامًا، وناسخًا، ومنسوخًا، ثم يلزم الناس ما تبين بفرض الله، فمن قبل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن الله قبل.


(١) الأم (٧/ ١٥).
(٢) الرسالة (٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>