للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث مسوق لبيان الاحتياط في روايه الحديث، والتثبت في نقله، وأخذه وإبلاغه، واعتبار من يؤخذ عنه، والكشف عن حال رجاله واحدا بعد واحد، حتى لا يكون فيهم مجروح، ولا منكر الحديث، ولا مغفل، ولا كذاب، ولا من يتطرق إليه طعن في قول أو عمل بوجه من الوجوه بحيث يجتمع برواة ذلك الحديث شرائط الصحة وقد بسطنا القول في ذلك في مقدمة هذا الكتاب.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن يحيى بن سعيد قال: سألت ابنًا لعبد الله بن عمر عن مسألة فلم يقل فيها شيئًا، فقيل له: إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمامي هدى تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم، فقال: أعظم من ذلك والله عند الله، وعند من عرف الله، وعند من عقل عن الله، أن أقول ما ليس لي به علم، أو أخبر عن غير ثقة.

هذا الحديث من أحسن ما يروى في آداب العالم، وأنه يتعين عليه أن لا يفتي عن غير علم، ولا يقول ما لا يعرفه، فإن له أجرا وأكثر ثوابا. ولقد صدق فيما قال: أن أقول ما ليس لي به علم، أعظم عند الله من أن اسأل عما لا علم لي به، فأسكت ولا أقول فيه شيئًا، وقد قال عبد الله بن مسعود: إن أعلم لأحدكم أن يقول فيما ليس به علم: الله ورسوله أعلم.

وروي عن عبد الله بن عباس أنه سئل عما لا يعلم، فقال: لا أعلم.

وهذا أدب مستعمل، وطريق مسلوك محمود بين العلماء، لا يعابون عليه بل يحمدون، ولا يذمون به بل يمدحون. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>