للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و "من" في قوله: "من الشهر" للتبعيض لأن الحيض في بعض الشهر، ويجوز أن تكون التي للتبيين؛ يريد الأيام التي كانت تحيض فيهن من كل شهر.

وقوله: "قبل أن يصيبها الذي أصابها" يريد الاستحاضة, لأن دم الحيض كان يأتيها قبل حدوث ذلك بها؛ فاعتبارها بأيام حيضها المعتاد أولًا.

"وخَلَفْتُ الشيء" أخلفه -مخففًا-: إذا جئت بعده، وخَلَّفْتُه أخلِّفه -مشددًا- إذا تركته بعدك.

والمراد في الحديث: له أول وذلك أنها أذهبت تلك الأيام وقضتها؛ وانفصلت عنها وبقيت بعدها، لأن الأيام تبقى بعدها.

"والاستثفار": مِن الثفر وهو الذي يجعل تحت ذنب الدابة ليحفظ الرَّحْل على ظهرها.

وصورة الاستثفار: أن تشد المرأة وسطها بخرقة أو حبل ونحو ذلك، ثم تحشو فرجها قطنًا أو خرقة أو ما يجري مجراها؛ ثم تضع فوق ذلك منديلًا على فم الفرج؛ وتشد طرفيها في الخرقة أو الحبل الذي شدت به وسطها من بين يديها ومن خلفها ليمنع بذلك الدم أن يجري أو يقطر، وقد تبدل من الثاء ذال فيقال:

تستذفر وكذلك الذفر.

والذي ذهب إليه الشافعي في حكم المستحاضة؛ قد ذكرناه في حديث عائشة قبل هذا، ونحن نزيده هاهنا بيانًا:-

وذلك أنا قد قلنا إنها المعتادة التي لاتمييز لها، وأنها تُرَدُّ إلى عادتها في أيام حيضها؛ فيكون حيضها تلك الأيام والباقي استحاضة، ثم إنها تغتسل مرة واحدة ويصير حكمها حكم الطواهر في وجوب الصلاة والصوم؛ وسائر الأحكام الشرعية التي لا يجوز للحائض فعلها؛ إلا أنها تتوضأ لكل صلاة، فإذا المستفاد من العادة قدر الحيض ووقته -واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>