للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صرفًا عهديًّا.

ويجوز: أن يكون أراد بالتعريف تعريف التعظيم والتحقيق، والتقدير: أمر أن يستقبل الجهة التي هي حقيقة أن تكون قبلة، إنما هي القبلة الصحيحة لا غيرها من القبل، وإن إطلاق لفظ القبلة على غيرها إنما هو مجاز واستعارة منها، وأن اسم القبلة لا يجوز أن يسمى به إلا الكعبة.

وفي الحديث: دليل على أن الأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أمر للأمة، لأنه قال: "أُمِرَ أن يستقبل القبلة" ولم يقل وقد أمركم أن تستقبلوها، فاستقبلوها حين سمعوا قوله ولم يستفهموا عن ذلك.

والذي ذهب إليه الشافعي في استقبال القبلة: هو أن الناس في استقبال القبلة على ضربين:-

ضرب يصلون معاينة، وهذا لا كلام فيه.

وضرب يصلون عن معاينة، وينقسم هذا الضرب الثاني إلى ثلاثة أقسام:-

أحدهما: أن يتوجه إلى الكعبة بيقين، مثل: أن يكون من أبناء أهل مكة ناشئًا بها أو مقيمًا بها من غير أهلها، ويعرف بيوتها وأزقتها وجهاتها، فإنه يدري كيف يتوجه نحوها وإن لم يشاهدها، ومثل: من يصلي بالمدينة إلى قبلة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه يعلم يقينًا أنه يصلي إلى الكعبة.

والقسم الثاني: يتوجه إلى الكعبة بالإخبار من ثقة بخبره عن المشاهدة أو ما يجري مجرى المشاهدة، وسواء فيه البصير والأعمى فإنهما يتبعان قول المخبر، إلا أن بينهما فرقًا وذلك أن الأعمى مقلد لا نظر عنده ولا استدلال، والبصير يساعده على اتباع نظره، فيكون أقرب حالاً من الأعمى.

والقسم الثالث: يصلى بالاجتهاد والاستدلال عليها بالنجوم والرياح والجهات مما غلب على ظنه أنه القبلة؛ صلى إليه إذا ثبت ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>