للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن صالح بن إبراهيم قال: رأيت أنس بن مالك صلى الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف فصلى بصلاة الإمام بالتسبب أو المباشرة (١).

أي كانت صلاته مسببة عن صلاة الإمام أو ملتبسة بها.

ويجوز أن يكون بمعنى الآلة؛ كأن صلاته صليت بصلاة الإمام.

والقول الواضح فيها معنى الباء الأصلي الذي هو الإلصاق، كأنه ألصق صلاته بصلاة الإمام وقرنها بها.

وفي قوله "في المسجد" متعلقة يقول: "بصلاة الإمام" لا بقوله "فصلى" لأن معمول "صلى" إنما هو قوله في بيوت حميد بن عبد الرحمن ولو كان متعلقًا بصلى لكانت صلاة المأموم في المسجد وليس الأمر كذلك.

والذي أراده الشافعي من هذا الحديث: أن موقف المأموم من الإمام والحكم في ذلك مختلف باختلاف الأمكنة؛ وفيه تفصيل يطول ذكره وكتب الفقه أولى به؛ لكن نذكر هاهنا حكم الطريق إذا فصل بين الإمام والمأموم.

والذي ذهب إليه الشافعي: أنه إذا كان بين الإمام والمأموم، وبين آخر الصف طريق أو نهر ولم يكن بينهما بعد كثير صحت صلاة المأموم وبه قال مالك.

وقال: أبو حنيفة وأحمد: لا تصح.

وقال الشافعي: إذا صلى في مكان خارج من المسجد؛ فإن لم يحل بينهما حائل كحائط فاصل ولم يكن بينهما بعد كثير صحت الصلاة.

وقد قدر الشافعي -رضي الله عنه- بُعد المسافة ثلاثمائة ذراع.


(١) هكذا لفظه بالأصل وغالب الظن أن قوله: (بالتسبب أو المباشرة) من تصرف المصنف، والذي ثبت في المسند بدل هذا القول (... في المسجد وبين بيوت حميد والمسجد طريق) وهكذا أخرجه البيهقي في السنن الكبير (٣/ ١١١)، والمعرفة (٥٨٣٨) عن الشافعي به.

<<  <  ج: ص:  >  >>