للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى الثاني: هو أنه أراد أن يكون هو الإمام ليأتم به أبو بكر والناس؛ فوقف عن يساره ليصير أبو بكر عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -، حين قد صار إمامًا وأبو بكر مأمومًا وموقف المأموم إذا كان واحداً أن يقف عن يمين الإمام؛ وأبو بكر كان في صف وحده.

وقوله: "وهو قاعد" الضمير عائد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان قد فصل بينهما بالمفعول الذي هو أبو بكر، كما فصل بين قوله: "وهو قائم": الذي هو ضمير أبي بكر بالمفعول الذي هو الناس.

ومعنى قوله "فأم أبو بكر الناس وهو قائم" أن أبا بكر كان يبلغ الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن الإمام إذا مرض وتعذرت عليه الصلاة قائمًا؛ فالأولى أن يستخلف من يصلي بهم قائمًا؛ لأن الناس اختلفوا في صلاة القائم خلف القاعد فيخرج من الخلاف، ولأن صلاة القائم أفضل إجماعًا؛ فيستحب أن يكون الإمام كامل الصلاة؛ فإن لم يستخلف وصلى جالسًا يصلي من خلفه قائمًا.

وبه قال أبو حنيفة، والثوري، وأبو ثور.

وإحدى الروايتين عن مالك أنه قال: لا تصح صلاة القائم خلف القاعد.

وإليه ذهب محمد بن الحسن.

وقال الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق: يصلون خلفه جلوسًا.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال: سمعت يحيى بن سعيدٍ يقول: حدثني ابن أبي مليكة أن عبيد بن عمير الليثي حدثه "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر يصلي بالناس الصبح، وإن أبا بكر كبر فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض الخفة فقام يفرج الصفوف قال: وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى، فلما سمع أبو بكر الحس من ورائه عرف أنه لا يتقدم إلى ذلك المقعد إلا رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>