وأما باقي الأحكام من: جواز قعود العاجز، ومتابعة المأموم إمامه في غير القعود فهو مذهبه.
إلا أن سياق هذين الحديثين والغرض الأهم منهما إنما هو: لمتابعة الإمام في صلاته قاعدًا، ألا تراه قد صرح به في حديث عائشة حيث قالت:"فأشار إليهم أن اجلسوا لما رآهم قد صلوا خلفه قيامًا".
ثم في كل الحديثين قال:"إنما جعل الإمام ليؤتم به".
وقوله فيهما:"وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين" وهذا من أوضح ما يقال في أن الغرض من الحديثين: الاستدلال على ما ذهب إليه من قال: أن المأموم يصلي جالسًا كالإمام.
والاستدلال وإن كان واضحاً والاحتجاج به ظاهر، فإن الشافعي ومن قال بقوله لا ينكرونه؛ ولكن يجعلونه منسوخًا بحديث عائشة عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه قاعدًا والناس خلفه قيام، وذلك من آخر أفعاله لأنه كان مرضه الذي مات فيه.
قال الشافعي عقيب حديث أنس وعائشة: هذا وهذا ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منسوخ بسنته، وذلك أن أنس بن مالك يروي "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسا من سقطة فرس"، وعائشة تروي ذلك، وأبو هريرة يوافق روايتها، وأمر من خلفه في هذه العلة بالجلوس إذا صلى جالسا؛ ثم تروي عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرضه الذي مات فيه جالسًا والناس خلفه قيامًا، وهي آخر صلاة صلاها بالناس بأبي وأمي - صلى الله عليه وسلم - حتى لقي الله عز وجل" وهذا لا يكون إلا ناسخًا.
ثم ذكر رواية عروة عن عائشة في خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه.
وبعدها رواية الثقة -يعني حسان- ثم قال: فإن قيل: فقد ائتم أبو بكر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر مأموم يعلم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -