كان جالسًا ضعيف الصوت وكان أبو بكر قائمًا يرى ويسمع ثم ذكر رواية عبيد بن عمير وقال: فلم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجلوس ولم يجلسوا ولولا أنه منسوخ صاروا إلى الجلوس لمتقدم أمره إياهم.
قال الربيع: فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يصلي أحد بالناس جالسًا ونحتج بأنا روينا عن ربيعة بأن أبا بكر صلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال الشافعي: فإن كان هذا ثابتا فليس فيه خلاف، لما أخذنا به ولا لما تركنا من هذه الأحاديث، قد مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيامًا وليالى لم يبلغنا أنه صلى بالناس مرة؛ لا يمنع أن يكون صلى أبو بكر غير تلك الصلاة بالناس مرة ومرارًا، وكذلك لو صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبى بكر مرة ومرارًا لم يمنع ذلك أن يكون صلى خلفه أبو بكر أخرى، كان أبو بكر يصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر عمره.
قال الربيع: فقلت للشافعي: فقد ذهب إلى توهين حديثا هشام بن عروة بحديث ربيعة.
قال الشافعي: فإنما ذهبتم إليه لجهالتكم بالحديث، وحديث ربيعة مرسل لا يثبت مثله ونحن لم نثبت حديثا هشام عن أبيه حتى أسنده هشام، عن أبيه، عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف احتججتم بما لا يثبت بالحديث على ما لا يثبت؟ وهو إذا ثبت حتى يكون أثبت حديثا يكون كما وصفت؛ لا يخالف حديث عروة ولا أنس ولا يوافقه ولا معنى فيه من حديثنا.
قال الشافعي: روى جابر الجعفي، عن الشعبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يؤمَنَّ أحد بعدي جالسا". وقد علم الذي يحتج بهذا ليس فيه حجة، وأنه لا يثبت لأنه مرسل، لأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه -يريد جابر الجعفي- فإنه متروك الحديث عند أهل العلم، مذموم في روايته ومذهبه.