للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامل بما عمل فيه، وكذلك كل يوم وله فضل مخصوص باجتماع الناس في صلاة الجمعة؛ ما لا يجتمعون في غيره من الأيام.

ومعنى كون يوم عرفة مشهودًا: ليشهد الناس فيه موسم الحج، وتشهده الملائكة.

وقد جاء في فضل هذين اليومين أحاديث كثيرة بغير هذا المعنى، وذهب قوم إلى أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم النحر.

وذهب آخرون: إلى أن الشاهد محمد - صلى الله عليه وسلم -، والمشهود يوم القيامة.

وقال آخرون: الشاهد من يشهد من الحقائق يوم القيامة، والمشهود في ذلك اليوم من عجائبه؛ لأن اليوم الوعود هو يوم القيامة لا شك فيه. ثم قال: وشاهد في كل ذلك اليوم ومشهود فيه، وإنما جاء بهما بلفظ النكرة على طريقة أنيقة من لطائف أوضاع البلاغة: وذلك أنه من عكس كلامهم الذي يقصدون به الإفراط فيما يعكس عنه ومثله قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} (١) فنكر النفس ومن المعلوم أن كل النفوس تعلم ما أحضرت بدليل قوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} (٢) لا نفس واحما يوددة.

ومثل الأول قوله تعالى {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} (٣) وما يريد به هاهنا التقليل لأنه لا مبالغة فيه.

ومثله من الكلام أن يقول لبعض أمراء الأجناد: كم عندك من الفرسان؟.


= أقوال في ذلك وقال: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال: ان الله أقسم بشاهد شهد، ومشهود شهد، ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أي شاهد وأي مشهود أراد، وكل الذي ذكرنا أن العلماء قالوا: هو المعنىّ مما يستحق أن يقال له: (شاهد ومشهود).
(١) التكوير: (١٤).
(٢) آل عمران: (٣٠).
(٣) الحجر: (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>