للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقول: رب فارس عندي، أو: لا يعدم عندي فارسًا، وعنده المعايب الكثيرة.

وقصده بذلك التمادي في تكثير فرسانه، ولكنه أراد إظهار براءته من التزيّد، وأنه ممن يقلد ما عنده فضلاً أن يتزيد، فجاء بلفظ التقليل وفهم منه معنى الكثرة على الصحة واليقين.

"والجمعة": بمعنى المجموع كالضحكة بمعنى المضحوك منه، ويوم الجمعة يوم الوقت الجامع، وفيه لغتان: سكون الميم وضمها، وإنما سميت الجمعة: لأن الخلائق اجتمعت فيها وفرغ الله -عز وجل- من خلقها فيها، وقيل: أول من سماها الجمعة: كعب بن لؤي بن غالب وكان يقال لها: عروبة والعروبة.

وقيل: أول من سماها الأنصار، وذلك أنهم قالوا: لليهود يوم يجتمعون فيه كل أسبوع، والنصارى كذلك فهلموا فنجعل لنا يومًا نجتمع فيه فنذكر الله ونصلي فيه، فقالوا: يوم السبت لليهود والأحد للنصارى فاجعلوا يوم العروبة لنا، فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم يومئذٍ ركعتين وذكرهم فيه، فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم.

وذبح لهم فيه شاة فتغدوا وتعشوا من شاة واحدة وذلك لقلتهم، فهذه أول جمعة جمعت في الإسلام قبل مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة.

وأما أول جمعة جمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإنه لما قدم المدينة مهاجرًا نزل بقُباء على بني عمرو بن عوف يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول حين اشتد الضحى، فأقام عندهم الثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم، ثم خرج من بين ظهرانيهم يوم الجمعة غاديًا إلى المدينة؛ فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن وادٍ لهم وقد اتخذوا مسجدًا لهم؛ فصلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وخطب، فكانت هذه أول جمعة جمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأول خطبة خطبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>