للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغيان ولكل منهما مزية ليست في الآخر.

أما قوله: "نحن الآخرون السابقون" بحذف العاطف فإنه أراد أن هذين الموضعين المذكورين من التأخر والسبق لنا قنية (١) وملكة؛ وأنهما فينا ثابتان متى ذكر أحدهما عرف الآخر فلا ينفك عنهما ولا يتوقف وجود الثاني لنا واتصافنا به على وجود سبب يحصله لنا، فلا حاجة بنا إلى حرف عطف يضف لنا الثاني إلى الأول.

وأما قوله: "ونحن السابقون" فإنه لما قال: "نحن الآخرون" فأثبت لهم التأخر عطف وجاء بلفظة "نحن" ليبين أن السبق لهم دون غيرهم، كان قائلاً قال لما قال: "نحن الآخرون" فما ذلكم بذلك إذا ثبت لكم التأخر ونزلتم المتقدم فقال: "ونحن السابقون".

ومثال ذلك: أن يقول القائل: من يولي الجميل، ويصنع المعروف، ويفك العاني، ويكسب المعدوم، ويحمل الكَلّ؟ فتقول: أنا الذي أفعل ذلك، وأنا الحقيق بها دون غيري.

أي: أنا الجامع بين الاتصاف بهذه الصفات والمنفرد بها, ولما في إعادة ضمير المتكلم الذي يضاف الخبر إليه من الفائدة ويقرع السمع به في كل خصلة.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا إبراهيم، حدثني موسى بن عبيدة، حدثني أبو الأزهر (٢): معاوية بن إسحاق بن طلحة، عن عبد الله بن عمير، أنه سمع أنس بن مالك يقول: "أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها وكتة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي: ما هذه؟ فقال: هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك، فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى، ولكم فيها خير، وفيها ساعة لا يوافقها


(١) القِنْية: ما اكتسب، والجمع قِنيّ انظر: اللسان مادة: قنا.
(٢) بالأصل: أبو الأزهري وهو تصحيف، والمثبت هو الصواب، وهو الثابت في مطبوعة المسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>