للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواية الشافعي "غسل يوم الجمعة" وهي أظهر يياناً لأنه أضاف الغسل إلى اليوم فكان مخصوصًا به وليس غسلاً مطلقًا، فكأنه اعتبر فيه الاختصاص به والنية فيه.

فأما إطلاق الغسل فلا فإنه لو اغتسل يوم الجمعة ولم ينو أنه اغتسل لصلاة الجمعة لم يجزئه مع أنه غسل حقيقي.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن غسل الجمعة سنة مؤكدة وليس بواجب، وبه قال جمهور العلماء إلا ما حكي عن الحسن البصري: أنه واجب.

وحكي أيضًا عن داود وأهل الظاهر أخذا بهذا الحديث.

ومن لم يقل صرف معنى الوجوب إلى الثبوت بدليل حديث سمرة بن جندب أنه قال: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" (١).

بدليل إجماع الصحابة والعلماء على أنه إذا صلى يوم الجمعة ولم يغتسل أجزأه.

قال الشافعي: احتمل قوله "واجب" أنه واجب لا يجزئ غيره، وواجب


(١) أخرجه أحمد (٥/ ١٥، ١٦، ٢٢)، وأبو داود (٣٥٤)، والترمذي (٤٩٧)، والنسائي (٣/ ٩٤)، وابن ماجه (١٠٩١) كلهم من طريق الحسن عن سمرة به.
قال الترمذي: حديث حسن.
قلت: واختلاف أهل العلم في قبول هذا الحديث ورده مبني على إثبات سماع الحسن من سمرة فمن صحح السماع صحح الحديث، ومن نفاه ردَّه، وذهب بعضهم إلى أن روايته عنه كتاب.
قال الحافظ في التلخيص (٢/ ٦٧): قال في الإمام: من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث.
قلت: وهو مذهب علي بن المديني كما نقله عنه البخاري والترمذي والحاكم وغيرهم، وقيل: لم يسمع منه إلا حديث العقيقة وهو قول البزار وغيره، وقيل: لم يسمع منه شيئاً أصلاً وإنما يحدث من كتاب. اهـ.
وانظر مذاهب العلماء بتوسع في هذا الموضوع من "نصب الراية" (١/ ٨٨ - ٩١).
والحديث حسنه الشيخ الألباني -رحمه الله- كما في صحيح الجامع (٦١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>