للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت النداء إلا الوضوء؛ لأن الوقت قد ضاق أن أشغله بعمل آخر.

"فقال عمر: الوضوء أيضًا" وقد روي بالواو فإثبات الواو يفيد العطف على الإنكار الأول، لأنه أراد بقوله: "أية ساعة هذه" التعريض بالإنكار عليه والتوبيخ على تأخر المجيء إلى الصلاة، وترك السبق إليها في أول وقتها.

وهذا من أحسن التعريضات وأرشق الكنايات، ثم إنه لما علم عثمان مراد عمر من سؤاله عن الساعة، اعتذر بأنه لما سمع النداء لم يشتغل بغير الوضوء، فقال له: ألم يكفك أنك أخرت الوقت وفوت تمسك فضلية السبق، حتى أتبعت التقصير الأول بتقصير ثان، وهو ترك الغسل والقنوع بالوضوء فتكون هذه الجملة المبسوطة مدلولًا عليها بتلك اللفظة المقبوضة، وهي معطوفة على الجملة الأولى.

وأما مع حذف الواو فتكون إن صحت به الرواية، إما لأنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره: الوضوء عذرك أو كفايتك في هذا المقام، أو لأنه خبر مبتدأ محذوف عذرك وكفايتك الوضوء، ويجوز أن يكون الوضوء منصوبًا بإضمار فعل تقديره: الوضوء وحده، أو توضأت , ويعضده قوله: "وقد علمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل" وتكون هذه الجملة حالاً منه والعامل فيها الفعل المقدر، ويكون العامل في الحال مع الرفع ما دل عليه مجموع الجملة المقدرة.

وقوله: "أيضًا" منصوب لأنه مصدر آض يئيض أي عاد ورجع، قاله ابن السكيت، تقول: فعلت ذلك أيضًا إذا كنت قد فعلته بعد شيء آخر، كأنك أفدت بذكرها الجمع بين الأمرين أو الأمور.

وفي بعض الروايات "كان يأمر" وفي أخرى "كان يأمرنا".

وقد أشرنا فيما سبق من الكتاب أن قول الراوى: كنا نفعل، وكنا نؤمر، وكان يأمرنا ونحو ذلك هو من ألفاظ رواية الحديث وبينا ذلك بياناً شافيًا فلا حاجة إلى إعادته، إلا أن بين يأمر ويأمرنا فرقًا دقيقًا وذلك أن في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>