للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يأمرنا" زيادة حجة لعمر تؤيد ما أنكره على عثمان؛ لأنه إذا أخبر عن نفسه أنه كان يأمره مع غيره كان آكد من قوله: "يأمر" لجواز أنه يكون قد أمر غيره بحكم يختص بالمأمور لم يقف عليه عمر، أو لأنه لم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعه من غيره، ولأن قوله: "يأمرنا" يقتضي ظاهره وصريحه أن الأمر لجميع الصحابة وأن الحكم عام لجميع الأمة، وليس كذلك قوله: "يأمر" لأنه لم يدل صريح اللفظ على العموم، فأما مع قوله "يأمرنا" فإن هذه الاحتمالات لا تتجه.

"والمهاجرون الأولون": هم الذين سبقوا الناس بالهجرة والفرار بدينهم من أذى المشركين، ومن أجلهم بدرا هذا الداخل يومئذ إلى المسجد وهو عثمان بن عفانة، لأنه هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وفي رواية أبي هريرة "ما بال رجال يتأخرون بعد النداء". وهذا تعريض أيضًا إلا أنه أفصح من الأول وأوضح ظهورًا، والأول ألطف وآدب، وذلك أن الأول لم يتعرض فيه لذكر الذنب الموجب للتوبيخ، وهاهنا صرح به وهو التأخر عن الصلاة بعد النداء، لكنه لما صرح فيه عرض بالمخاطب ولم يصرح باسمه، وذلك من أحسن ألفاظ الخطاب وأشرف العبارة التي ندب الشرع إليها ونبهت السنة عليها في غير موضع.

"وهو" في قوله: "ما هو إلا أن سمعت النداء" ضمير الشأن والقصة، التقدير: ما الأمر والحال إلا أن سمعت النداء وتوضأت، ففي هذه الرواية زيادة بيان وحصر لإقامة العذر لأنه بقي ثم استثنى، فانحصر القول بذلك في بقي جميع الأشغال والأعمال وقصرها على الوضوء خاصة، ولذلك عطف الفعل بالفاء أي: لم يتخلل بين سماع النداء والوضوء زمان.

وقوله: ألم تسمعوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>