للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "لم [أكسكها] (١) لتلبسها" يوهم ظاهره تناقضًا لأن الكسوة هي اللباس، فكأنه قال: لم أكسها لتكسيني بها أو لم ألبسكها لتلبسها, وليس الأمر كذلك فإنه إذا قال: كسوتك ثوبًا إنما يريد به أنه جعله له كسوة، وقد يكون للإنسان ملابس -ثياب- معدة للبسه وقد لا يلبس بعضها ويطلق عليها اسم الكسوة، ولذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: أي لم أجعلها لك كسوة لتلبسها، إنما أردت بها إيثارك وتخصيصك وتمليكك لها.

والذي ذهب إليه الشافعي: وأحب ما يلبس إلى البياض فإن جاوزه فعصب اليمن والقطري.

"وعصب" اليمن: هو البرود المخططة يصبغ غزلها وينسج باليمن والعصب الفعل نفسه.

"والعصاب": الغزال الذي يبيع الغزل.

"والقطري": منسوب إلى موضع بين عمان وسيف البحر يقال له: قطر تغير في النسبة فكسرت قافه فسكنت طاؤه، ويجلب منه ثياب حمر لها أعلام فيها بعض الخشونة.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-: أخبرنا ابن علية، عن شعبة عن عمرو بن مرة، عن زاذان قال: سأل رجل عليًّا عن الغسل؟ قال: اغتسل كل يوم إن شئت. فقال: الغسل الذي هو الغسل.

فقال: يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر.

هذا حديث حسن إلى (٢) سأله عن الغسل مطلقًا أجابه مطلقًا فقال: "اغتسل كل يوم إن شئت" ولم يكن أراد الغسل المطلق، إنما أراد الغسل المسنون فلذلك قال له: "الغسل الذي هو الغسل" أي الغسل المعروف المندوب إليه الشرعي الذي


(١) بالأصل [أكسها] والمثبت هو لفظ الرواية وعليه المعول في الشرح.
(٢) كذلك بالأصل ولعلها (لما).

<<  <  ج: ص:  >  >>