للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيبته.

وأما قوله: "ما يقرأ به" -مع حذف كان، فإنه أراد تصوير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفس المسئول والسامعين كأنه حاضر، واستفسره عنه استفسار الموجود الحاضر فقال: "ما يقرأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"؟ كأنه موجود فسأل عن قراءته كيف هي، وفي هذا زيادة استثبات لأن من سأل عن حال شخص موجود فأخبر بها كان أقرب إلى التصديق من الإخبار عن حال غائب مسئول عنها, ولأن نسبة التحريف إلى الأخبار عن المعدوم والغائب أقرب منه عن الموجود والحاضر، فكان حذف "كان" في هذا المقام أبلغ في القول والخطاب من إثباتها.

والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه-: أنه يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة العيدين بـ "ق" وفي الثانية "اقتربت" عملًا بهذا الحديث.

وقال أبو حنيفة: لا اختصاص لهاتين السورتين دون غيرهما من السور.

وقال مالك وأحمد: يقرأ بسورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (١) وسورة "الغاشية".

قال الشافعي -في رواية حرملة في حديث أبي واقد-: يحتمل أن يكون ذلك الذي حفظ من عيد أو أعياد، وقد كانت أعياد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون صادقًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ بما ذكر في العيد.

وإنما أراد الشافعي بما ذكر حديث النعمان بن بشير "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الجمعة والعيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}.

وفرق بين قوله: "كان يقرأ" وبين قوله: "أنه قرأ" فإن لفظة "كان يقرأ" يفيد استمرارًا وكثرة.


(١) الأعلى: [١].

<<  <  ج: ص:  >  >>