ذلك؟ " ليس فيه من الإعظام ما في قوله: "أوقد قال ذلك؟ " فكأنه معطوف على كلام مقدر محذوف من جنسه، حتى كأنه قال: أسمعتموه يقول ذلك، أوقد قال ذلك"؟ فحصل في إدخال الواو من الفائدة ما ليس في عدمها، وإنما استثبتهم عن قول اليهودي وأنكره: لأنه غرض اليهودي من قوله، فإنه أراد أن ينفر المسلمين عن دينهم ويوقع في أنفسهم أنه يتوقف في طلب الغيث ضنًّا منه عليهم، أو أنه فعل ذلك خبثًا منه وشرًّا وذلك أنه ما كان يعتقد صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - ورسالته، فأراد أن يعلمهم أنه قادر على مجيء المطر من طريق الاستهزاء حتى يسألوه ذلك فيعجز عنه ولا يجاب سؤاله فيظهر لهم ما ينفرهم عن الإِسلام بذلك وتسىء عقائدهم في النبي - صلى الله عليه وسلم - والدين، أو لأنه كان راغبًا في حصول الغيث وزوال الجدب لاشتراك الخلق في النفع به، واليهود وإن لم يؤمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما فعلوا ذلك عنادًا وحسدًا وبغيًا؛ وإلا فقد كانوا يعلمون صدقه، والتوراة ناطقة بذكره وإنما غيروها وبدلوها، فكان هذا القول منه طلبًا لبركة دعائه وإجابة لسؤاله. والله أعلم.
وقوله:"إني لأستنصر بالسنة على أهل نجد" يريد أنه يجعل الجدب على أهل نجد تأكيدًا له؛ لأنهم إذا أجدبوا هلكت مواشيهم وضعفت أبدانهم، وقلت أرزاقهم، وهلكوا جوعًا وعطشًا، وجبنوا عن الحرب وانقادوا إلى الإِسلام طوعًا أو كرهًا، فجعل ذلك استنصارًا منه عليهم بالجدب.
والاستنصار: طلب النصرة.
ولأن أهل نجد أهل عمل وفلوات؛ فينالهم. من الجهد والبلاء بالجدب ما لا ينال أهل المدن والقرى بالسنة، وإن كانت تعم الطائفتين -فإنها بأهل العمل أكثر أضرارًا.
"والعين": يريد ما عين (١) يمين القبلة قبلة العراق، يقال: نشأت السحابة عن