(٦) أن الله تعالى لما أمرفي الكفارة بعتق رقبة مؤمنة لم يكن على الناس أن لايعتقوا إلا من يعلمون أن الإيمان في قلبه فإن هذا كما لو قيل لهم: اقتلوا إلا من علمتم الإيمان في قلبه وهم لم يؤمروا أن ينقبوا عن قلوب الناس ولايشقوا بطونهم، فإذا رأوا رجلاً يظهر الإيمان جاز لهم عتقه، وصاحب الجارية لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم: هل هي مؤمنة؟ إنما أراد الإيمان الظاهر الذي يفرق بين المسلم والكافر. والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن تلك الأمة بالإيمان الظاهر الذي علقت به الأحكام الظاهرة وإلا فقد ثبت أن سعداً لما شهد الرجل أنه مؤمن قال: أو مسلم وكان يظهر من الإيمان ما تظهر الأمة وزيادة، فيجب أن يفرق بين أحكام المؤمنين الظاهرة التي يحكم فيها الناس في الدنيا وبين حكمهم في الآخرة بالثواب والعقاب فالمؤمن المستحق للجنة لابد أن يكون مؤمناً في الباطن باتفاق جميع أهل القبلة (مجموع الفتاوى ٧/ ٢١٤، ٢١٥).
(٧) أن الرقبة مجزية في الكفارات بشرط الإيمان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بعتقها على سبيل الكفارة عن ضربها، ثم اشترط أن تكون مؤمنة فكذلك في كل كفارة وهذا رأي مالك والشافعي وفي المسألة خلاف (شرح د ٤/ ٣٦٨) وانظر: (شرح النووي ٥/ ٢٥).
ولهذا الحديث شرح نافع عنوانه " أين الله؟ دفاع عن حديث الجارية رواية ودراية " لسليم الهلالي.