فخشعنا: خشينا وخضعنا والخشوع في الصوت والبصر كالخضوع في البدن، وجاء في رواية فجشعنا ـ بالجيم ـ وشرحه الحميدي في غريبه فقال: الجشع: الفزع والخوف (النهاية/خشع/٢/ ٣٤).
الفوائد:
(١) جواز معاتبة المجموع على الأمر الذي ينكر، وإن كان الفعل صدر من بعضهم لأجل التحذير من معاودة ذلك (الفتح ٣/ ٨٤) وفيه البيان بالفعل؛ ليكون أوقع في نفس السامع (الفتح ١/ ٥٠٩).
(٢) غضب النبي صلى الله عليه وسلم لأسباب مختلفة مرجعها كلها في أمر الله، وكان
عليه الصلاة والسلام يظهر غضبه؛ ليكون أوكد في الزجر عنها مع صبره على الأذى إذا كان فيما هو حق نفسه (الفتح ١٠/ ٥١٨).
(٣) أن علة النهي عن البزاق في المسجد أن عن يمينه ملكاً كما في بعض الألفاظ، وأنه يناجي ربه كما في البعض الآخر، ويجوز أن يكون للحكم علتان سواء كانتا مجتمعتين أو متفرقتين والمناجي تارة يكون قدام من يناجيه وهو الأكثر وتارة عن يمينه (الفتح ٢/ ١٥).
(٤) تفقد الإمام أحوال المساجد وتعظيمها وصيانتها، وعظم تواضعه صلى الله عليه وسلم؛ لمباشرته إزالة القذر بنفسه، وفيه الحث على الاستكثار من الحسنات وإن كان صاحبها ملياً لكونه باشر الحك بنفسه وهو دال على عظم تواضعه زاده الله تشريفاً وتعظيماً صلى الله عليه وسلم (الفتح ١/ ٥١٤).
(٥) استدل به البخاري على جواز النفخ في الصلاة؛ لأن النخامة لابد أن يقع معها شيء من نفخ أو تنحنح ومحله إذا لم يفحش، ولم يقصد صاحبه العبث، ولم يبن منه مسمى كلام وأقله حرفان أو حرف ممدود (الفتح ١/ ٥١٤، ٣/ ٨٤، ٨٥).
(٦) أن مافي الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش لايخالفه ظاهر الحديث وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة، والحديث حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش، وهو قبل وجه المصلي بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء، أو يناجي الشمس والقمر لكانت الشمس والقمر فوقه وكانت أيضاً قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك ولله المثل الأعلى ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه لاتشبيه الخالق بالمخلوق كما في قوله: ... {هذا القمر كلكم يراه مخلياً به}، ومن كان له نصيب من المعرفة بالله والرسوخ في العلم بالله يكون إقراره للكتاب والسنة على ماهما عليه أوكد (مجموع الفتاوى ٥/ ١٠٢، ١٠٣، ١٠٧، ١٠٨) فليس في الحديث رد على من أثبت استواء الرب سبحانه على العرش بذاته؛ لأن النصوص من الآيات والأحاديث في إثبات الاستواء محكمة قطعية واضحة لاتحتمل أدنى تأويل، وقد أجمع أهل السنة على الأخذ بها والإيمان بما دلت عليه على الوجه الذي يليق به سبحانه من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته وأما قوله في هذا الحديث:{فإن الله قبل وجهه إذا صلى}، وقوله:{بينه وبين القبلة} فهذا لفظ محتمل يجب أن يفسر بما يوافق النصوص المحكمة كما أشار ابن عبد البر إلى ذلك، ولايجوز أن يحمل على ما يناقض نصوص الاستواء الذي أثبتته النصوص القطعية المحكمة الصريحة والله أعلم (من تعليق الشيخ ابن باز على الفتح ١/ ٥٠٨).
(٧) أن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه يستقبل ربه وهو فوقه فيدعوه من تلقائه لامن يمينه ولا من شماله ويدعوه من العلو لامن السفل كما إذا قدر أنه يخاطب القمر، واتفق العلماء على أن رفع المصلي بصره إلى السماء منهي عنه، وهذا مما جاءت به الشريعة تكميلاً للفطرة لأن الداعي السائل الذي