شيء من الشر (سنن الترمذي ٥/ ٤٩٨)، كأنه استعاذ من أن تفسد أموره وتنتقض بعد صلاحها كنقض العمامة بعد استقامتها على الرأس (المعلم ٢/ ٧٤). وقال أبو عبيد: الحور بعد الكون، هكذا يروى بالنون، وسئل عاصم عن هذا فقال: ألم تسمع إلى قوله: حار بعدما كان، يقول: إنه كان على حالة جميلة فحار عن ذلك أي رجع، وهو في غير هذا الحديث الكور ـ بالراء ـ ثم ذكر معنى الحور بعد الكور: النقصان بعد الزيادة، ومن قال هذا أخذه من كور العمامة، يقال قد تغيرت حالة وانتقضت كما ينتقض كور العمامة بعد الشد، وكل هذا قريب من بعض في المعنى (غريب الحديث لأبي عبيد ١/ ٢٢٠، ٢٢١).
الفوائد:
(١) فيه تنبيه على المطالبة بالشكر والبر والعمل الصالح والخلق الحسن والتقوى والخوف الحامل على التحرز من المكروه (شرح الأبي ٣/ ٤٣٩).
(٢) استحباب هذا الذكر عند ابتداء الأسفار كلها.
(٣) الاستعاذة بالله من الظلم حيث يترتب عليه دعوة المظلوم، وفيه التحذير من الظلم ومن التعرض لأسبابه (شرح النووي ٩/ ١١٢).
(٤) دعوة المظلوم، والحور بعد الكور يحترز عنها سواء كانت في الحضر أو السفر، لكن لما كان السفر مظنة البلايا والمصائب، والمشقة فيه أكثر خصت به ذكره الطيبي ومراده: أنه حينئذ مظنة النقصان في الدين والدنيا، وباعث على التعدي في حق الرفقه وغيرهم لاسيما في مضيق الماء، كما هو مشاهد في سفر الحج فضلاً عن غيره (شرح الطيبي ٥/ ١٦٤)، (تحفة الأحوذي ٩/ ٣٩٩).
(٥) أن إطلاق الخليفة في الأهل على الله تعالى من باب الإخبار لا الوصف، ولا الاسمية (شرح الأبي ٣/ ٤٣٩)، والخليفة يقال لمن: استخلفه غيره، ولمن خلف غيره، وقد حمل إطلاقه صلى الله عليه وسلم الخليفة هنا على من خلف غيره، فهو فعيل بمعنى فاعل (منهاج السنة ١/ ٥٠٨). وفي قوله: {الصاحب في السفر والخليفة في الأهل}: تنبيه إلى الاعتماد على الله، والاكتفاء به عن كل مصاحب سواه، وأنه سبحانه هو الذي يرجوه المسافر، ويعتمد عليه في سفره أن يعينه ويحفظه، وأن يحفظ أهله فيلمَّ شعثهم ويداوي سقمهم، ويحفظ عليهم دينهم وأمانتهم. (شرح الأبي ٣/ ٤٣٩)، (تحفة الأحوذي ... ٩/ ٣٩٨).
٦٦٨ - ورد فيها حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه:
قال الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا عبد القدوس بن محمد أبو بكر العطار حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا عمران القطان.
وقال ابن ماجه رحمه الله تعالى: حدثنا أحمد بن سنان ثنا محمد بن بلال عن عمران القطان عن حسين ـ يعني ابن عمران ـ.
كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: {إن الله مع القاضي مالم يَجُر، فإذا جار تخلى عنه ولزمه
الشيطان} هذا لفظ الترمذي.