للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن الاستجمار لا يجزئ بأقل من ثلاثة أحجار، واحتجوا في ذلك بهذا الآثار.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: الشافعي وأحمد وإسحاق بن راهوية وأبا ثور؛ فإنهم قالوا: لا بد من ثلاث مَسَحَات بثلاثة أحجار، حتى لو مسح مرة أو مرتين فزالت النجاسة، وجبت مسحة ثالثة، واحتجوا في ذلك بالأحاديث المذكورة.

وقال ابن حزم في "المحلى" (١): وتطهير القبل والدبر من البول والغائط والدم، من الرجل والمرأة، لا يكون إلا بالماء حتى يزول الأثر، وبثلاثة أحجار متغايرة؛ فإن لم تُنْقِ فعلى الوتر أبدًا يزيد كذلك، حتى تُنْقِى، لا أقل من ذلك، أو بالتراب أو الرمل بلا عدد، لكن ما أزال الأثر فقط على الوتر.

وفي "المغني" (٢): وإن أنقى بدون الثلاثة لم يُجْزه حتى يأتي بالعدد، وإن لم يُنْق بثلاثة زاد حتى ينقي. ويشترط الأمران جميعًا: الإنقاء وإكمال الثلاثة، أيهما وجد دون صاحبه لا يكفي، وإذا زاد ذلك على الثلاثة استحب أن لا يقطع إلا على وتر؛ للحديث الوارد فيه.

ص: وخالفهم في ذلك أخرون، فقالوا: ما استجمر به منها فأنقى به الأذى، ثلاثة كانت أو أكثر منها أو أقل، وترًا كانت أو غير وتر، فإن ذلك قد طهره.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا أو مالكا وداود والظاهرية؛ فإنهم قالوا: الشرطُ الإنقاء، دون العدد؛ حتى لو حصل الإنقاء بحجر واحدٍ أجزأه.

وهو وجه للشافعية.

قوله: "ما استجمر به" "ما" موصولة مبتدأ، واستجمر به صلتها.

وقوله: "فأنقى" عطف عليه، "والأذى" مفعوله.


(١) "المحلى" (١/ ٩٥).
(٢) "المغني" (١/ ١٠١) بتصرف واختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>