للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: قال الجاحظ: الجن، والملائكة واحد؛ فمن طهر منهم فهو ملك، ومن خبث منهم فهو شيطان، ومن كان بين بين فهو جن.

وقال الشريف السمرقندي: قال المِلِّيون (١): الروحانيات السماوية والأرضية أجسام لطيفة قادرة على التشكّل بأشكال مختلفة، وسَمُّوا السماوية بالملائكة، والأرضية بالجن إن كانت غير شريرة، وبالشياطين إن كانت شريرة، وأنكرت الفلاسفة وأوائل المعتزلة كونها كذلك؛ أرادوا أنها ليست بأجسام، ولهم مناقشات كثيرة، وقال الرازي: قالت الفلاسفة: إنها جواهر قائمة بنفسها ليست بمتحيزة البتة، فمنهم من هي مستغرقة في معرفة الله فهم الملائكة المقربون، ومنهم مدبرات هذا العالم إن كانت خيّرات فهم الملائكة الأرضية، وإن كانت شريرة فهم الشياطين.

ص: حدثنا عليّ بن مَعْبد، قال: نا عبد الوهاب بن عطاء، عن داود بن أبي هند، عن الشعبيّ، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "سألت الجنُّ رسول الله - عليه السلام - في آخر ليلة لُقِيِّهم في بعض شعاب مكّة الزاد، فقال: كل عظم يقعُ في أيديكم قد ذكر اسم الله عليه تجدونه أَوْفَر ما يكون لحمًا، والبعرُ علفًا لدوابكم، فقالوا: إن بني آدم ينجسونه علينا فعند ذلك قال: لا تستنجوا بروث دابّة، ولا بعظمٍ، إنه زادُ إخوانكم من الجن".

ش: إسناده صحيحٌ على شرط مسلم، والشَعْبيّ هو عامرُ.

وأخرجه مسلم (٢)، والترمذي (١) بأتمّ منه، وقد ذكرناه في باب الوضوء بنبيذ التمر.

قوله: "شعاب مكة" جمع شِعب بكسر الشين، وهو الطريق في الجبل، وأما الشَّعب بالفتح فهو ما يشعب من قبائل العرب والعجم.


(١) الملِّيون: جمع مِلِّيّ، نسبة إلى المِلة، وهي الدين، يعني: المنتسبين إلى الأديان.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>