للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وفد جن نصيبين" الوفد القومُ يجتمعون ويَرِدون البلاد، وواحدهم وافد، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة أو استرفاد، وانتجاع وغير ذلك، تقول: وَفَدَ، يَفِدُ فهو وافد، وأوفدته يوفَد، وأوفد على الشيء فهو مُوفد إذا أشرف. و"نَصِيبين" بفتح النون، وكسر الصاد المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، ثم باء موحدة مكسورة، وياء ثانية ساكنة، ونون، وهي قاعدة ديار ربيعة، مخصوصة بالورد الأبيض، ولا يوجد فيها وردة حمراء، وفي شماليها جبل كبير منه ينزل نهرها، ويمر على سورها، والبساتين عليه، وهي شمال سنجار، وجبل نصيبين هو الجودي، وهو الذي استوت سفينة نوح - عليه السلام - عليه، ويقال يسمّى نهرها الهرماس، وبها عقارب قاتلة.

قوله: "إلا وجدوا عليه": على كل واحد من العظم والروث، وظاهر الكلام يقتضي أن يكون طعامهم من العظم والروث، كما جاء في حديث آخر أخرجه أبو داود (١)، عن حيوة بن شريح، عن ابن عياش، عن يحيى بن [أبي] (٢) عمرو السَّيْبَانيِ، عن عبد الله بن الديلمي، عن عبد الله بن مسعود، قال: "قدم وفد الجن على رسول الله - عليه السلام -، فقالوا: يا محمَّد، انْهَ أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حمَمة فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقًا، قال فنهى النبي - عليه السلام -[عن ذلك] (٣) ".

وظاهر هذا الحديث أيضًا أن رزقهم من هذه الأشياء؛ فلذلك منع النبي عن الاستنجاء بها، وكذلك حديث ابن مسعود الذي مرّ ذكره عن قريب: "لا تستنجوا بعظم ولا روث؛ فإنه زاد إخوانكم من الجن"، يقتضي ما ذكرنا، والدليل القاطع على ذلك ما جاء في رواية مسلم: "فلا تَسْتنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم" والضمير يرجع إلى العظم، والبعرة.


(١) "سنن أبي داود" (١/ ١٠ رقم ٣٩).
(٢) من "الأصل"، والمثبت من "سنن أبي داود"، ومصادر ترجمته.
(٣) ليست في "الأصل"، والمثبت من "سنن أبي داود".

<<  <  ج: ص:  >  >>