حاجة قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يَمسّ ماءً، فإذا كان عند النداء الأول وثبَ -وما قالت: قامَ- فأفاض عليه الماء -وما قالت: اغتسل وأنا أُعلَمُ ما تُريد- وإن نام جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة".
فهذا الأسود بن يزيد قد بان في حديثه لمَّا ذُكِرَ -بطوله- أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة، وأما قولُها: "فإن كانت له حاجة قضاها، ثم نام قبل أن يمس ماء" فيحتمل أن يكون ذلك على الماء الذي يغتسل به لا على الوضوء.
ش: أي قال الجماعة الآخرون -في جواب الحديث الذي احتج به أهل المقالة الأولى-: هذا الحديث غلط؛ لأن أبا إسحاق عمرو بن عبد الله اختصر هذا الحديث من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إياه، وقال الترمذي، وأبو علي الطوسي: روى غير واحد عن الأسود، عن عائشة: "أنه كان يتوضأ قبل أن ينام"، وهذا أصح أن حديث أبي إسحاق، قال: وكانوا يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق.
وبين الطحاوي ذلك بقوله: "وذلك أن فهدًا ... " إلى آخره، فإن هذا الحديث لما ذكر بطُوله من غير اختصار ظهر أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب يتوضأ وضوء الصلاة، فيكون معنى قولها في الحديث المختصر: "ثم نام قبل أن يمسّ ماء" أي الماء الذي يغتسل به لا الماء الذي يتوضأ به.
واعلم أن الأئمة اختلفوا في حديث أبي إسحاق عن الأسود، فصححه قوم، وضعفه آخرون، فقال أبو داود: حدثنا الحسين الواسطي: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم، يعني حديث أبي إسحاق، وفي رواية ابن العبد عنه: ليس بالصحيح، وفي موضع آخر: وهم أبو إسحاق في هذا الحديث.
وفي كتاب "العلل" (١) لأبي حاتم: قال شعبة: سمعت حديث أبي إسحاق أن النبي - عليه السلام - كان ينام جنبًا, ولكني أتقيه.