للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مسلم في كتاب: "التمييز" (١): ذكر الأحاديث التي نقلت على الغلط في متونها، ثنا أحمد بن يونس، نا زهير، نا أبو إسحاق ... فذكره، قال: فهذه الرواية عن أبي إسحاق [خَاطئة] (٢)، وقد جاء النخعي وعبد الرحمن بخلاف ذلك.

فيه نظر، من حيث أنه روى في "صحيحه" عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس، قالا: ثنا زهير فذكر حديث أبي إسحاق دون قوله: "قبل أن يَمسّ ماء"، وقال ابن ماجه عقب روايته هذا الحديث: قال سفيان: ذكرت الحديث -يعني هذا- يومًا فقال لي إسماعيل: شُدَّ هذا الحديث يا فتى بشيءٍ.

وأما المصححون فقد قال الدارقطني: يشبه أن يكون الخبران صحيحين؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ربما قدّم الغسل، وربما آخره كما حكى ذلك غُضَيف، وعبد الله بن أبي قيس، وغيرهما عن عائشة، وأن الأسود حفظ ذلك عنها فحفظ أبو إسحاق عنه تأخير الوضوء والغسل، وحفظ إبراهيم وعبد الرحمن تقديم الوضوء على الغسل.

وقال البيهقي: طعن الحفاظ في هذه اللفظة، يعني: "قبل أن يَمسّ ماء" وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود، وأن أبا إسحاق ربما دلس، فرأوها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية النخعي وعبد الرحمن بن الأسود بخلاف رواية أبي إسحاق، قال أبو بكر: وحديث أبي إسحاق صحيح من جهة الرواية وذلك أنه بيّن فيه سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، والمدلّس إذا بيّن سماعه ممن روى عنه، وكان ثقة فلا وجه لردّه، ووجهُ الجمع بين الروايتين على وجه يحتمل، وقد جمع بينهما أبو العباس بن سريج فأحسن الجمع، وسئل عنه، وعن حديث عمر: "ينامُ أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ"، فقال: الحكم لهما جميعًا؛ أما حديث عائشة فإنما أرادت أنه كان لا يمسّ ماءً للغسل، وأما حديث عمر: "أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا


(١) "التمييز" (١/ ١٨١ رقم ٤٠).
(٢) في "الأصل، ك": خاصة، وهو تحريف، والمثبت من كتاب "التمييز".

<<  <  ج: ص:  >  >>