للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا أن ما رواه أبو إسحاق عن الأسود صحيح، ولكن تأويل قوله: "ولا يمسّ ماء" يعني لأجل الغسل لا لأجل الوضوء، وعدم مسّ الماء لأجل الغسل لا ينفي مسه لأجل الوضوء، وقد روي عن أبي حنيفة ما يقوي هذا التأويل، فعل كلا التقديرين يثبت المدعى وهو أن الجنب لا ينبغي له أن ينام إلا بعد أن يتوضأ.

وقد قيل: إن المراد به أنه كان في بعض الأوقات لا يَمسّ ماءً أصلًا؛ لبيان الجواز، إذْ لو واظب عليه لَتُوهِّم الوجوبُ.

ثم إسناد حديث أبي حنيفة صحيح؛ لأن رجاله ثقات يحتج بهم، ولا يلتفت إلى كلام ابن حزم في تضعيفه هذا الخبر.

قوله: "يجامع" مفعوله محذوف، أي يجامع أهله، وأراد بالمجامعة الوطء، على سبيل الكناية.

قوله: "ثم يعود" أي إلى الجماع مرة أخرى من غير تخلل بين الجماعين بوضوء، وهو معنى قوله ولا يتوضأ أي بين الجماعين.

قوله: " وينام ولا يغتسل" أي على الفور، ولكن نومه قبل الاغتسال لا ينافي وضوءه قبل النوم، فيحمل على هذا حديث أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة في قوله: "لا يمسّ ماء" يعني الغسل، وهو لا ينافي الوضوء.

فإن قيل: روى مسلم (١) من حديث أبي سعيد: "إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود، فليتوضأ".

ورواه الأربعة (٢) أيضًا ورواه ابن خزيمة (٣) بزيادة: "وضوءه للصلاة"، ثم قال: هذه لفظة تفرد بها شعبة، عن عاصم، والتفرد من مثله مقبول عندهما، وهذا


(١) "صحيح مسلم" (١/ ٢٤٩ رقم ٣٠٨).
(٢) أبو داود (١/ ٥٦ رقم ٢٢٠)، والترمذي (١/ ٢٦١ رقم ١٤١)، والنسائي في "المجتبى" (١/ ١٤٢ رقم ٢٦٢)، وابن ماجه (١/ ١٩٣ رقم ٥٨٧).
(٣) "صحيح ابن خزيمة" (١/ ١٠٩ رقم ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>