للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على أنه لا بد من الوضوء بين الجماعين، وحديث أبي حنيفة لا يدل على هذا.

قلت: هذا الأمر للندب عند الجمهور، والدليل عليه حديث الطواف على ما نذكره، فإذن لا تعارض بين الحديثين؛ لأن حديث أبي حنيفة يبيِّن الجواز، وحديث غيره يبين استحباب الوضوء بين الجماعين، وتعلقت الظاهرية بظاهر الأمر، وقالوا: إنه واجب، وبه قال ابن حبيب المالكي.

وقال ابن حزم في "المحلى": والوضوء فرض بين الجماعين، ثم قال: وبإيجاب الوضوء في ذلك قال عمر بن الخطاب، وعطاء، وعكرمة، وإبراهيم، والحسن، وابن سيرين.

وقال أبو عمر بن عبد البر: ما أعلم أحدًا من أهل العلم أوجبه إلا طائفة من أهل الظاهر، وأما سائر الفقهاء بالأمصار فلا يوجبونه، وأكثرهم يأمرون به، ويستحبونه.

قلت: في كلام كل واحد من ابن حزم، وأبي عمر نظر، أما كلام ابن حزم فيعارضه ما أخرجه ابن أبي شيبة (١)، ثنا ابن إدريس، عن هشام، عن الحسن: "أنه كان لا يرى بأسًا أن يجامع الرجل امرأته، ثم يعود قبل أن يتوضأ، قال: وكان ابن سيرين يقول: لا أعلم بذلك بأسًا".

وأما كلام أبي عمر فيرده ما حكاه النووي من أن ابن حبيب المالكي يرى بوجوب الوضوء بين الجماعين، على ما ذكرناه.

فإن قيل: يعارض ما رواه مسلم وغيره ما رواه ابن عباس أنه - عليه السلام -[قال] (٢) "إنما أمُرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة".


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٧٩ رقم ٨٧٣).
(٢) ليست في "الأصل، ك".

<<  <  ج: ص:  >  >>