فقالوا: الإقامة كلها مثنى مثنى مثل الأذان سواء، غير أنه يقال في آخرها:"قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة".
ش: أي خالف الطائفتن المذكُورِين جماعة آخرون فيما ذهبوا إليه من إفراد ألفاظ الإقامة كلها، أو إفرادها غير "قد قامت الصلاة" وهم سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومن ذهب إلى مذهبهم من أهل الكوفة، فإنهم قالوا: الإقامة كلها مثنى مثنى مثل الأذان سوء بسواء، غير أنه تزاد في الإقامة بعد الفلاح:"قد قامت الصلاة" مرتين.
ص: وقالوا ما ذكرتم عن بلال - رضي الله عنه -، فقد روي عنه خلاف ذلك مما سنذكره إن شاء الله بعد.
ش: أي قال هؤلاء الآخرون لأهل المقالتين المذكورتين: ما ذكرتم عن بلال - رضي الله عنه - من أنه أُمر بأن يشُفع الأذان ويوتر الإقامة، فإنه وإن كان قد روي عنه ذلك فقد روي عنه أيضًا خلافه على ما يجيء بيانه، فحينئذ يتعارض خبراه فيرجع حينئذ إلى الأصول وهو على وجوه:
الأول: أن مدَّعَانَا يُرجَّح بكثرة الدلائل من الأخبار والآثار الدالة على أن الإقامة مثنى مثنى مثل الأذان.
والثاني: أن قوله: "أُمر بلال" قد يقال فيه: إن الأمر مُبْهم، يحتمل أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون غيره، وقد قيل: إن الآمر بذلك أبو بكر - رضي الله عنه -، وقيل: عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فحصل فيه احتمالات تدفع الاحتجاج به، مع وجود الآثار الدالة على خلافه.
وقال الشيخ محيي الدين النوويّ: إطلاق ذلك ينصرف إلى صاحب الأمر والنهي، وهو رسول الله - عليه السلام -، ومثل هذه اللفظة قول الصحابي:"أمرنا بكذا"، أو "نهينا عن كذا" وأُمر الناس بكذا فكله مرفوع سواء قال الصحابيّ ذلك في حياة رسول الله - عليه السلام - أم بعد وفاته.