للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لما لم يكن له نصفٌ كان حكمه كحكم سائر الأشياء التي لا تنقسمُ مما إذا وجَب بعضها؛ وجَب بوجُوبه كلُها، فلهذا صَارَ ما يُختم به الأذان والإقامة من قول لا إله إلا الله سواءً، فلم يكن في ذلك دليلٌ لأحَد المعنيين على الآخر، ثم نظرنا في ذلك، فرأيناهم لم يَخْتلفوا أنه في الإقامة بعد الصلاة والفلاح يقولُ: الله أكبر الله أكبر، فيجيء به ها هنا على مثل ما يجيء به في الأذان في هذا الموضع أيضًا, ولا يجيء به على نصف ما هو عليه في الأذان، فلما كان هذا من الإقامة مما له نصفٌ على مثل ما هو عليه في الأذان أيضًا سواء؛ كان ما بقي من الإقامة أيضًا هو على مثل ما هو عليه في الأذان أيضًا، لا يُحذَف من ذلك شيء، فثبتَ بذلك أن الإقامة مثنى مثنى، وهذا قول أبي حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله.

ش: لما قال الخصم فيما مضى: إن الأذان ما كان منه مكررًا لم يثنى في المرة الثانية وجعل على النصف مما هو عليه في الابتداء، وكانت الإقامة لا يبتدأ بها وإنما هي تفعل بعد انقطاع الأذان، وكان النظر على ذلك: أن يكون ما فيها مما هو في الأذان غير مثنى وما فيها مما ليس في الأذان مثنى، فكل الإقامة في الأذان غير "قد قامت الصلاة" فتفرد الإقامة كلها ولا تكرر غير "قد قامت الصلاة" فإنها تكرر لأنها ليست في الأذان.

شرع الطحاوي في الجواب عنه بقوله: "إن الأذان كما ذكروا ... " إلى آخره.

تحريره: سلَّمنا أن الأذان ما كان منه يذكر في موضعين يثنى في الموضع الأول ويفرد في الموضع الآخر، وما كان فيه غير مثنى أفرد ولكن رأينا ما يختم به الإقامة من قول: "لا إله إلا الله" هو ما يختم به الأذان في ذلك، فالنظر والقياس على ذلك: أن تكون بقية الإقامة مثل بقية الأذان أيضًا، وبقية الأذان مثنى مثنى، فتكون بقية الإقامة مثنى مثنى كذلك.

حاصل هذا الكلام: أن الخصم لما نظر في إفراد الإقامة إلى كون ألفاظها على النصف مما كان عليه ألفاظ الأذان، بناء على أن ما يكرر في ألفاظ الأذان يجعل على النصف مما هو عليه في الابتداء، نظرنا نحن في كونها مثنى مثنى مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>