للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذان، إلى كون مساواة آخرها بما كان يختم به الأذان، فإذا ساوت الأذان في إفراد اللفظ فيما يختتم به كل منهما؛ كان النظر والقياس أن تساوي بقيتها بقية الأذان، فثني حينئذ، وفيه نظر من جهة الخصم، أشار إليه بقول: فكان مما يدخل على هذه الحجة، وجه النظر: أن ما تختم به الإقامة هو قول لا إله إلا الله لا نصف له؛ لأنه لا يتجزأ، ويجوز أن يكون المقصود إليه منه أي مما يختم به الأذان هو نصفه؛ لأن النظر أن يكون ما في الإقامة نصف ما في الأذان -على ما تقرر- ولكن لما لم يكن له نصف لعدم التجزء كان حكمه كحكم الأشياء التي لا تتجزأ مما إذا وجبت بعضها وجبت به كلها لعدم التجزأ، فحينئذ تكون مساواة اختتام الإقامة والأذان بقول لا إله إلا الله من أجل هذا المعنى، وهو كونه مما إذا وجب بعضه وجب كله لعدم التجزأة لا لأجل ما ذكرتم من كونها تُختم بما يختم به الأذان، وهو معنى قوله: "فلهذا صار ... " إلى آخره. فحينئذ لم يكن لأحد المعنيين دليل على الآخر؛ فنحتاج حينئذ إلى نظر صحيح في كون الإقامة مثل الأذان، فأشار إليه بقوله: "ثم نظرنا في ذلك ... " إلى آخره، تحريره: أنا رأيناهم أي الأخصام كلهم لا يختلفون أن المُقيمُ يقول في الإقامة بعد الصلاة والفلاح: الله أكبر الله أكبر، مرتين فيجيء به ها هنا -أي في الإقامة- مثل ما يجيء في الأذان، حيث لم يجعله على النصف مما كان هو عليه في الأذان، والحال: أن هذا ما له نصف لأنه لا يتجزأ، ولما جاء على مثل ما هو عليه في الأذان سواء من غير تنصيف كان النظر على ذلك: أن يكون ما بقي من الإقامة من سائر ألفاظها أيضًا على مثل ما هو عليه في الأذان، ولا يحذف من ذلك شيء ولا ينصِّف، فحينئذ ثبت بذلك أن الإقامة مثنى مثنى كما أن الأذان مثنى مثنى.

قوله: "سواءً" نصبَ على أنه خبر "كان" الذي في قوله: "فلما كان هذا من الإقامة".

وقوله: "كان ما بقي من الإقامة" جواب قوله: "فلما كان" فافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>