الثاني: أن محمَّد المذكور فيه هو ابن يحيى -على ما قال أبو أحمد الحافظ- يحتاج إلى الكشف عن حاله.
الثالث: أنه ظن من غير جزم.
الرابع: أنه إذا كان الفرق ستة عشر رطلا يكون مجموع القلتين أربعة وستين رطلا، وهذا لا يقول به البيهقي وإمامه.
فإن قلت: قد ارتفع الاضطراب برواية إسماعيل بن عُلَيّة، والاضطراب الذي يرجع إلى المتن قد يدفع بما ذكر من طريق ابن إسحاق من عدة أوجه ليس فيها ذكر لغير القلتين، وكذلك طريق الوليد بن كثير ولم يقع من ذلك إلَّا اليسير جِدّا في طريق عاصم بن المنذر من بعض الوجوه وهي كلها لا تساوي واحدا من طريقي ابن إسحاق والوليد ولا يقاربها، فالاضطراب إنما يقدح إذا تساوت الطرق وتعذر الجمع أو الترجيح، وكذا تعليل مرفوعه بموقوفه ليس بمستقيم؛ لأن الرافع إذا كان ثقة لا يضره من لم يرفعه؛ لأنه زيادة من ثقة، وأن من رفعه أكثر وأحفظ ممن وقفه بكثير، فيكون الاعتبار للأكثر وللأحفظ.
قلت: لا نسلم أن ارتفاع الاضطراب برواية ابن عُلية؛ لأنه يروي عن عاصم بن المنذر وهو ليس ممن اتفق عليه، ألا تري أن البخاري استشهد به وما روى له، وقوله:"طريق عاصم لا يساوي طريق ابن إسحاق" غير مسلم؛ لأن كليهما سواء في القوة والضعف، ولهذا استشهد بهما البخاري ولم يخرج لهما شيئًا، وقوله:"إنَّ الرافع إذا كان ثقة" معارَضٌ بما إذا كان الواقف أيضًا ثقة، قلت:"الاعتبار للاكثر" غير مسلم؛ بل الاعتبار للقوة، ولئن سلمنا جميع ذلك وسلمنا صحة الحديث لكنا نأوّله ونحمله على ما ذكره الطحاوي؛ ألَّا ترى أنه وهو إمام في الحديث وفي معرفة طرق معانيه، قد أخرج هذا الحديث بإسناد صحيح ولكنه لم يعمل به لجهالة مقدار القلتين على ما يجيء بيانه مستقصى إنْ شاء الله.