للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وما ينوبه" أي ما يطرقه، وقيل: أي ما يقصده، يقال: نابه ينوبه نوبا وانتابه، إذا قصده مرة بعد أخرى، ويقال: معناه: ما تنزل به الدواب للشرب وهو جمع دابة، وهو ما يدب على وجه الأرض في اللغة، وفي العرف الدابة تطلق على ذوات الأربع مما يركب، وفي الصحاح: الدابة التي تركب.

والسباع جمع سبع وهو كل حيوان عادٍ مفترس ضار ممتنع، وعطف السباع على الدَّواب من عطف الخاص على العام، إنْ اعتبرنا في الدواب المعنى اللغوي، وإلَّا فلا يكون من هذا القبيل.

قوله: "فقال" أي النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا كان الماء قلتين" وهي تثنية قلة وهي الحُبّ (١) العظيم والجمع قلال، واختلفوا في تفسير القلة، فقيل: خمس قرب كل قربة خمسون منّا، وقيل: جرة تسع فيها مائة وخمس وعشرون منّا، وقيل: القلتان خمسمائة رطل بالبغدادي، وقيل: القلتان خمسمائة منّ، وقيل: القلة هي الجرّة التي يقُلّها القوي من الرجال أي يحملها، وقال اليعمري: الصحيح أن القلتين خمسمائة رطل، خمس قرب كل قربة مائة رطل بالبغدادي. وقيل: ستمائة، وقيل: ألف، وهما بالمساحة ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا، هكذا قالوا وليس محرّرا؛ فإن الماء تختلف أوزانه، وفي المغني لابن قدامة: القلة هي الجرّة، ويقع هذا الاسم على الصغيرة والكبيرة، والمراد من القلتين هَا هنا من قلال هجر، وهما خمس قرب كل قربة مائة رطل بالعراقي، فتكون القلتان خمسمائة رطل، هذا هو المشهور في المذهب وعليه أكثر الأصحاب. وهو مذهب الشافعي، وروى الأثرم عن أحمد أنَّهما أربع قرب، وحكاه ابن المنذر أيضًا عن إمامه.

قلت: وهجر التي تنسب إليها القلال قرية كانت ببلاد المدينة، ويقال: هجر التي باليمن، والأول أصح.


(١) الحُبُّ -بالحاء المهملة- هو الجرَّة الضخمة، وهو الذي يجعل فيه الماء. انظر "لسان العرب"، (مادة: حبب).

<<  <  ج: ص:  >  >>