للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ثم سَلُوا لي الوسيلة" أي: بعد الفراغ من الإجابة والصلاة على النبي - عليه السلام - سلوا الله لأجلي الوسيلة، وهي فعيلة، وتجمع على وسائل ووُسُل وهي في اللغة ما يتقرب به إلى الغير، يقال: وسل فلان إلى ربه وسيلة، وتوسل إليه توسيلة إذا تقرب إليه بعمل، وفسّرها في الحديث بأنها منزل في الجنة، والفاء في قوله: "فإنها منزل" فاء تفسيرية، والمنزل والمنزلة واحد، وهي المنهل والدار.

وقوله: "لا ينبغي" من بغَيْته فانبغى أي طلبته، ويقال: انبغى لك أن تفعل كذا أي: طاوعك وانقاد لك فعل كذا.

وقوله تعالى: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ} (١) أي لا يحصل ولا يتأتى، ولا يُستعمل فيه غير هذين اللفظين، ويقال معنى لا ينبغي: لا يَسهُل ولا يكون.

قال ابن أحمر:

في رأس خَلقاءَ عنقاء مشرفة ... لا يُبْتَغى دُونها سَهْلٌ ولا جَبَلُ

قوله: "أن كون أنا هو" أن مَصدرية ومحله النصب على المفعولية والتقدير: أرجو كوني إياه، أي ذلك العبد. وأنا إما اسم أكون، وليس في أكون شيء، وإما تأكيد لأنا المستكن فيه. وقوله: "هو" ضمير مرفوع وقع موقع الضمير المنصوب، وتقديره أن أكون إياه.

قوله: "حلت له الشفاعة" أي: شفاعتي، الألف واللام بدل من المضاف إليه و"حلّت" من حلّ يَحِل بالكسر إذا وجب، ويُحلّ -بالضم- أي ينزل، وقرئ بهما في قوله تعالى: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} (٢) واللام في "له" بمعنى على كما وقع في رواية غيره "حلت عليه" لأن الأصل أن يقال: حلّ عليه. ويَستفادُ منه أحكامٌ:

وجوب إجابة المؤذن، ووجوب الصلاة على النبي - عليه السلام - بعد الإجابة، ولاسيما قد ذكر النبي - عليه السلام - في الأذان؛ قال الطحاوي أوجب الصلاة عليه - عليه السلام - كلما سمع


(١) سورة ص، آية: [٣٥].
(٢) سورة طه، آية: [٨١].

<<  <  ج: ص:  >  >>