ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذه الآثار، فقالوا: ينبغي لمن سمع الأذان أن يَقُولَ كما يقولُ المؤذن حتى يفرغ من أذانه.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: النخعي والشافعي وأحمد في رواية ومالكًا في أخرى؛ فإنهم قالوا ينبغي لمن سمع الأذان أن يقول كما يقول المؤذن حتى يفرغ من أذانه واستدلوا على ذلك بالأحاديث المذكور؛، وإليه ذهب أهل الظاهر أيضًا.
وقال ابن حزم في "المحلّى": ومن سمع المؤذن فليقل كما يقول المؤذن سواء بسواء من أول الأذان إلى آخره، وسواء كان في غير صلاة أو في صلاة فرض أو نافلة حاش قول المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح لا يقولها في الصلاة ويقولها في غير الصلاة، فإذا أتم الصلاة فليقل ذلك، ثم قال: فإذا قال سامع الأذان لا حول ولا قوة إلا بالله مكان حي على الصلاة حي على الفلاح فحسن.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: ليس لقوله حي على الصلاة وحي على الفلاح معنى؛ لأن ذلك إنما يقوله المؤذن ليَدْعو به الناس إلي الصلاة وإلى الفلاح والسامع لا يقول من ذلك على جهة دعاء الناس إلى ذلك، إنما يقوله على جهة الذكر، وليس هذا أمن الذكر فينبغي له أن يجعل فكان ذلك ما قد روي في الآثار الأُخَر وهو: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدًا، وأحمد في الأصح، ومالكًا في رواية، فإنهم قالوا: يقول سامع الأذان مثل ما يقول المؤذن إلا في الحَيْعلتين فإنه يقول فيهما: لا حول ولا قوة إلا بالله. وفي "الجواهر" للمالكية ويؤمر سامع الأذان وينتهي إلى آخر التشهدين في ظاهر المذهب. وقيل: يتمادى إلى آخره ويعوْض عن الحيعلتين بالحوقلة ويحكي التشهد مرةً واحدة في رواية ابن القاسم. وقال الداودي: يعاود التشهد إذا عاوده المؤذن أو قبله بأن كان السامع في صلاة، فروى ابن القاسم أنه يحي في النافلة دون الفريضة.