وروى أبو مصعب أنه يحكي فيهما، وقال ابن وهب: لا بأس فيهما واستحسنه ابن حبيب، وقال سحنون: لا يحكي في واحدة منهما ثم حيث قلنا يحكي فلا يجاوز التشهدين، ولو قال في الصلاة حي على الصلاة فقال أبو محمَّد الأصلي: لا تبطل صلاته لأنه متأول وحكى عبد عن بعض القرويين أن صلاته تبطل وأنه كالمتكلم وحكي ذلك عن القاضي أبي الحسن، ولو أبطأ المؤذن فقال مثل ما يقول أو عجل قبل المؤذن أجزأه ذلك وهو واسع، وفي "حاوي" الحنابلة: ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول مثله إلا في الحيعلة فإنه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وفي كلمة الإقامة أقامها الله وأدامها ما دامت السموات والأرض ويقوله التالي ويقضيه المُصلي ويقول المؤذن كسامعه خفية، وقال القاضي عياض في شرح مسلم: واختلف في الحد الذي يحي فيه المؤذن هل إلى التشهدين الأولين أم الآخرين أم إلي آخر الأذان؟ ونقل القولان عن مالك ولكنه في القول الآخر إذا حيعل المؤذن فيقول السامع لا حول ولا قوة إلا بالله. وقال الشافعي بحكايته في الجميع. وقال بعض أصحابنا بل الترجيع التشهدين وقيل بل لا تلزمه الحكاية إلا في التشهدين أولًا فقط. قلت ما قاله أصحابنا أول، وأقرب إلى العقل لأن قول السامع عند الحيعلتين مثل قول المؤذن يشبه المحاكاة والاستهزاء لأنه ليس معهما على قصد الذكر والثناء وأما قول المؤذن فإنه يدعو بهما الناس إلى الصلاة وإلى الفلاح فحينئذ يقول السامع لا حول ولا قوة إلا بالله كما ورد به في الأحاديث الآخر على ما يجيئ الآن إن شاء الله تعالى.
ص: فكان من الحجة لهم في ذلك: أنه قد يجوز أن يكون قوله "فقولوا مثل ما يقول حتى يَسكن" أي فقولوا مثل ما ابتدأ به الأذان من التكبير وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسُول الله حتى يَسكُت فيكون التكبير والشهادة هما المقصود إليها بقوله: "فقولوا مثل ما يقول" وقد قَصِد إلى ذلك في حديث أبي هريرة.
حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا إبراهيم بن محمَّد الشافعي قال: ثنا عبد الله بن رجاء عن عباد بن إسحاق عن ابن شهاب (ح).