للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الشافعي فليس حدّه في القلتين بأولى من حدّ غيره ممن فسرهما بغير تفسيره، وكل قول لا برهان له فهو باطل.

والقلتان هو ما وقع عليه في اللغة اسم قلتين صغرتا أم كبُرتا، ولا خلاف في أن القلة التي تَسَعُ عشرة أرطال ماء تسمى عند العرب قلة، وليس [في هذا] (١) الخبر ذكر لقلال هجر أصلا، ولا شك في أن بهجر قلالا صغارا وكبارا.

فإن قيل: إنَّه - عليه السلام - ذكر قلال هجر في حديث الإسراء.

قلئا: نعم وليس ذلك بموجب أن يكون - عليه السلام - متى ذكر قلة فإنما أراد من قلال هجر، وليس تفسير ابن جريج للقلتين بأولى من تفسير مجاهد الذي قال: هما جرتان. وتفسير الحسن كذلك أيضًا.

ص: وكما حدثنا الحسن بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أبنا محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن جعفر أبي الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه سئل عن الحياض التي بالبادية تصيب منها السباع، قال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسا".

ش: هذه طريقة أخرى وهي صحيحة أيضًا، وإسنادها بعينه إسناد ابن ماجه الذي ذكرناه؛ لأنه أخرجه (٢) عن أبي بكر بن خلاد، عن يزيد بن هارون ... إلى آخره، غير أن لفظهما مختلف كما ترى.

قوله: "بالبادية" أي في البادية على وزن فاعلة، من بدا إذا ظهر، يقال: بدا القوم بدوًّا أي خرجوا إلى باديتهم، والبدوي نسبة إلى البدو، والبدو البادية.

وقد استدل به بعضهم على نجاسة سؤار السباع، لقوله: "تصيب منها السباع" وأجاب عنه من لا يرى بنجاسة سؤرها بأنها إذا وردت مياه الغدران خاضتها، وإذا خاضت بالت في الأكثر عادة، مع أن قوائمها لا تخلو من النجاسة غالبا، فكان


(١) في "الأصل، ك": "لهذا"، والمثبت من "المحلى" لابن حزم.
(٢) "سنن ابن ماجه" (١/ ١٧٢ رقم ٥١٧)، وقد سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>