للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن دجاجة وقعت في بئر فماتت، قال: لا بأس أن تتوضأ منها وتشرب إلَّا أن تنتن حتى يوجد ريح نتنها في الماء؛ فينزح".

وما رواه أيضًا (١) عن يعلى بن عبيد، عن عبد الملك، عن عطاء: "في البئر تموت فيها الدجاجة وأشباهها قال: استق منها دلوا وتوضأ منها، فإن هي تفسخت استق منها أربعين دلوا".

وما رواه أيضًا (٢) عن المحاربي، عن الشيباني، عن حماد بن أبي سليمان: "في البئر تقع فيها الدجاجة والكلب والسنور فتموت، قال: ينزح منها ثلاثون أو أربعون دلوا".

وما رواه أيضًا عن أسباط بن محمد بن عبد الملك، عن سلمة بن كهيل: "في الدجاجة تقع في البئر قال: يستقي منها أربعون دلوا".

فلما اختلفت هذه الأقوال اختار أصحابنا الأربعين؛ لأن أكثر ما ذكر فيه ثم زادوا عليه على وجه الاستحباب عشرة، وبعضهم زادوا عشرين؛ لأنه نصف الأربعين تأكيدا في طلب الاحتياط، فافهم.

فإن قيل: قد قلتم إنَّ مبنى مسائل الآبار على الآثار دون القياس والرأي، وما ذكرتم لا يخلو عن رأي.

قلت: المقادير بالرأي إنما تمنع في التي تثبت لحق الله تعالى ابتداء دون المقادير التي تتردد بين القليل والكثير والصغير والكبير، فإن المقادير في الحدود والعبادات لا مدخل للرأي فيها أصلا، وكذا ما يكون بتلك الصفة، وأما الذي يكون من باب الفرق بين القليل والكثير فيما يحتاج إليه فللرأي فيه مدخل، ولما عرف بآثار الصحابة حكم طهارة البئر في الفصول كلها مع اختلاف الأقوال عنهم وعن غيرهم من التابعين في القليل والكثير من النزح؛ صار ذلك من باب الفرق


(١) ليس هذا الأثر والذي يليه في "مصنف عبد الرزاق" وإنما هو في "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ١٤٩ رقم ١٧١٦).
(٢) "مصنف ابن أبي شييبة" (١/ ١٤٩ رقم ١٧١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>