فدخل فيه الرأي لاختيار عدد دون عدد بحسب صفة القضية، ألا ترى أن محمدا حكم في البئر المعين بمائتي دلو إلى ثلاثمائة بناء على كثرة الماء في آبار بغداد، فهذا رأي ولكنه عن دليل، وذلك لأن الشرع لما أمر بإخراج جميع ما فيها صار الواجب نزح ذلك الماء الذي وقعت فيه النجاسة، وغالب مياه الآبار لا تزيد على مائتي دلو، فبنزح هذا المقدار يحصل المطلوب، وأما قوله:"إلى ثلاثمائة" فللاحتياط في باب التطهير.
ص: وما قد حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا موسى بنعين، عن عطاء، عن ميسرة وزاذان، أن عليًّا - رضي الله عنه - قال:"إذا سقطت الفأرة أو الدابة في البئر فانزحها حتى يغلبك الماء".
ش: محمَّد بن حميد وثقه ابن يونس.
وعلي بن معبد بن شداد من أصحاب محمَّد بن الحسن ثقة.
وموسى بن أعين الجزري، روى له الجماعة سوى الترمذي.
وعطاء هو ابن السائب، وثقه أحمد، وعن يحيي:"لا يحتج به".
وميسرة أبو صالح الكوفي.
وزاذان أبو عبد الله الكوفي، روى له الجماعة؛ البخاري في الأدب.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): حدثنا وكيع، عن حمزة الزيات، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي - رضي الله عنه -: "في الفأرة تقع في البئر، قال: ينزح إلى أن يغلبهم الماء".
واستدل به أبو حنيفة في البئر إذا كانت معينا، تنزح حتى يغلبهم الماء، ولم يقدر الغلبة بشيء لأنها متفاوتة، بل يفوض إلى رأي المبتلي به.
ص: حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي المهزّم