للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح من هذه الروايات رواية النسائي (١): عن محمود بن خالد، حدثني الوليد، ثنا ابن جابر -وهو عبد الرحمن بن يزيد- قال: حدثني نافع، قال: خرجت مع عبد الله، فذكر قوله: "حتى إذا كان في آخر الشفق".

قال: ويقوي هذه الرواية حديث أنس من عند مسلم (٢): أن النبي - عليه السلام - إذا عجل به سفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء" انتهى.

قلت: حينئذ تُرجح رواية من روى أن نزوله لم يكن إلا قبل غروب الشفق، فسقط كلام البيهقي: "فتترك روايتهم" فَلِمَ تترك روايتهم مع كونها موافقة للأصول ومؤيدة بصفة جمع النبي - عليه السلام -؟! والعمل بروايتهم ورواية وغيرهم بالتأويل المذكور أولى من أن تترك رواية بعضهم ويعمل برواية بعضهم.

فإن قيل: تأويل الطحاوي يمشي في رواية من يقول: "فسار حتى نزل بعد غياب الشفق" وكيف يمشي ذلك في رواية من قال: "فسار قريبًا من ربع الليل" وهو رواية يحيى بن سعيد، عن نافع، ورواية موسى بن عقبة عنه: "حتى ذهب هُوِيٌّ من الليل" ورواية عمر بن محمد بن زيد: "فسار حتى إذا كان بعد ما غاب الشفق بساعة نزل" وكذا رواية عبيد الله العمري عن نافع، كل هذه عند البيهقي، وعند ابن خزيمة: "فسرنا حتى كان نصف الليل أو قريبًا من نصفه نزل فصلى".

قلت: وإن لم يمش ذلك التأويل في هذه الروايات؛ فالعمل برواية [ابن] (٣) جابر أولى؛ لأن فيه صفة جمع رسول الله - عليه السلام - كيف كان، وفي رواية هؤلاء صفة جمع ابن عمر غير منقول عن النبي - عليه السلام - فيكون هذا أولى، على أن فيما ذكرتم وهما كما قاله عبد الحق الإشبيلي وأنه نَصَّ على أن الصحيح من الروايات رواية النسائي، وهي


(١) "المجتبى" (١/ ٢٨٧ رقم ٥٩٥).
(٢) "صحيح مسلم" (١/ ٤٨٩ رقم ٧٠٤).
(٣) ليست في "الأصل، ك". وما أثبتناه هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>