للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية ابن جابر، وإلى ذلك أشار الطحاوي بقوله: "ولو تضاد ذلك لكان حديث ابن جابر أولى". والله أعلم.

ص: فإن قالوا: فقد روي عن أنس بن مالك ما قد فسر الجمع كيف كان، فذكروا في ذلك ما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني جابر بن إسماعيل، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - ... مثله.

يعني "أن رسول الله - عليه السلام - كان إذا عجل به السير يومًا جمع بين الظهر والعصر، وإذا أراد السفر ليلة؛ جمع بين المغرب والعشاء، يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق". قالوا: ففي هذا الحديث أنه صلى الظهر والعصر في وقت العصر، وأنَّ جمعه بينهما كان كذلك.

ش: هذا إيراد من أهل المقالة الأولى على أهل المقالة الثانية، بيانه أن يقال: إنكم قلتم: إن صفة الجمع كانت من فعل ابن عمر، وأن صفة جمع النبي - عليه السلام - كانت بتأخير الأولى إلى آخر وقتها وتقديم الأخرى في أول وقتها، وأنكم أولتم ما روي: "حين غاب الشفق" بالقرب من غيابه.

فهذا حديث أنس يبطل تأويلكم، ويبين أن جمع النبي - عليه السلام - بين الظهر والعصر كان في وقت العصر، وأن جمعه بين المغرب والعشاء كان حين يغيب الشفق.

وإسناد حديث أنس صحيح على شرط مسلم، وعُقيل -بضم العين وفتح الألف- ابن خالد بن عَقِيل -بالفتح- الأيلي أبو خالد الأموي.

وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري.

وأخرجه مسلم (١): حدثني أبو الطاهر وعمرو بن سوَّاد، قالا: أنا ابن وهب، قال: حدثني جابر بن إسماعيل، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس، عن


(١) "صحيح مسلم" (١/ ٤٨٩ رقم ٧٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>