للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جمع رسول الله - عليه السلام - بين الصلاتين هو الذي ذكره أهل المقالة الثانية، وكيف وقد أطلق - صلى الله عليه وسلم - على من يؤخر صلاة إلى وقت صلاة أخرى مفرّطًا ومقصرًا وإذا كان هذا مفرطًا فمن المحال أن يكون النبي - عليه السلام - جمع بين الصلاتين بصورة يكون فيها مفرطًا، لزم من ذلك أنه - عليه السلام - جمع بينهما بصورة ليس فيها تفريط، وهي الصورة التي ذكرها أهل المقالة الثانية، وهي أن يكون قد صلى كل واحدة منهما في وقتها، غير أنه أخّر الأولى إلى آخر وقتها، وقدّم الثانية في أول وقتها، فيكون جامعًا بين الصلاتين فعلًا لا وقتًا، من غير تفريط ولا تقصير.

قوله: "أفيجوز لأحد" الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار.

قوله: "وقد قال" جملة وقعت حالًا.

وإسناد حديث أبي قتادة صحيح على شرط مسلم، وأبو بكرة: بكار القاضي، وأبو داود: سليمان بن داود الطيالسي، وثابت: هو البناني أبو محمد البصري، وأبو قتادة: الأنصاري، اسمه الحارث بن ربعي.

وأخرجه مسلم (١) مطولًا: ثنا شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة- قال: نا ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة قال: "خطبنا رسول الله - عليه السلام - فقال: إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله غدًا، فانطلق الناس لا يلوي أحدٌ على أحدٍ، قال أبو قتادة: فبينما رسول الله - عليه السلام - يسير حتى إبهار الليل وأنا إلى جانبه، قال: فنعس رسول الله - عليه السلام -، فمال عن راحلته، فأتيته فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته، قال: ثم سار حتى تهور الليل مال عن راحلته، فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته، قال: ثم سار حتى إذا كان في آخر الليل مال ميلة هي أشد من الميلتين الأولتين حتى كاد ينجفل، فأتيته فدعمته، فرفع رأسه فقال: من هذا؟ قلت: أبو قتادة، قال: متى كان هذا مسيرك مني؟ قال: قلت: مازال هذا مسيري منذ الليلة، قال: حفظك الله بما حفظت به


(١) "صحيح مسلم" (١/ ٤٧٢ رقم ٦٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>