الأول: استدل به عطاء والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر وابن خزيمة وداود: أن الجماعة فرض، وفي "شرح المهذب": قيل: إنه قول الشافعي. وعن أحمد: واجبة وليست بشرط، وقالت الجمهور: ليست بفرض عين، واختلفوا هل هي سُنَّة أم فرض كفاية؟ والمختار عند الشافعي أنها فرض كفاية، وعند عامة مشايخنا واجبة، وقد قال بعض أصحابنا: سنة مؤكدة، وهو قول القدوري أيضًا، وفي "المفيد": الجماعة واجبة، وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة، وفي "شرح خواهر زاده" هي سُنَّة مؤكدة غاية التأكيد. وقيل: فرض كفاية، وهو اختيار الطحاوي والكرخي وغيرهما، وهو قول الشافعي المختار.
وقيل: سُنَّه، وفي "الجواهر": عن مالك: سنة مؤكدة، وقيل: فرض كفاية.
والجواب عن الحديث من وجوه:
- الأول: أن هذا في المنافقين ويشهد له قوله: "لو يعلم أحدهم أنه يجد عظمًا سمينًا ... " إلى آخره، وهذه ليست صفة المؤمن لا سيما أكابر المؤمنين وهم الصحابة - رضي الله عنهم - وإذا كان في المنافقين كان التحريق للنفاق لا لترك الجماعة؛ فلا يتم الدليل.
- الثاني: أنه - عليه السلام - همّ ولم يفعل.
- والثالث: أنه - عليه السلام - لم يخبرهم أن من تخلف عن الجماعة فصلاته غير مجزئة؛ وهو موضع البيان.
الثاني: فيه دليل على أن العقوبة كانت في أول الأمر بالمال؛ لأن تحريق البيوت عقوبة مالية، وأجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة والغالّ من الغنيمة، واختلف السلف فيهما، والجمهور على منع تحريق متاعهما.
الثالث: فيه دليل على قتل تارك الصلاة متهاونًا، قاله عياض.
قلت: يرد هذا قوله - عليه السلام -: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ... ". الحديث، والحديث محمول على التهديد والتشديد.