حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا أبو الأشهب، قال: سألت جابر بن زيد عن القنوت، فقال: الصلوات كلها قنوت، أما الذي تصنعون، فما أدري ما هو؟ ".
قال أبو جعفر -رحمه الله -: فهذا زيد بن أرقم ومن ذكرنا معه يخبرون أن ذلك القنوت الذي أمروا به في هذه الآية هو السكوت عن الكلام الذي كانوا يتكلمون به فيالصلاة، فخرج بذلك أن يكون في هذه الآية دليل على أن القنوت المذكور فيها هو القنوت المفعول في صلاة الصبح، وقد أنكر قوم أن يكون ابن عباس - رضي الله عنهما - كان يقنت في صلاة الصبح، وقد روينا ذلك بأسانيده في باب: القنوت في صلاة الصبح، فلو كان هذا القنوت المذكور في هذه الآية هو القنوت في صلاة الصبح إذًا لما تركه؛ إذْ كان قد أمر به الكتاب.
ش: المخالفون لابن عباس في سبب نزول هذه الآية: زيد بن أرقم من الصحابة، ومجاهد بن جبر والشعبي وجابر بن زيد من التابعين، فإنهم أخبروا أن القنوت المذكور في قوله:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}(١) بصورة الأمر هو السكوت عن الكلام في الصلاة؛ لأنهم كانوا يتكلمون فيها، فدل ذلك أن القنوت المذكور في الآية ليس هو القنوت الذي كان يُفعل في صلاة الصبح فلا يُسمى حينئذٍ بسبب ذلك صلاة الصبح الصلاة الوسطى"، على أن ما روي عن ابن عباس من "أنه قنت في صلاة الصبح، وقال: هذه الصلاة الوسطى، أشار إليه بقوله: "وقد أنكر قوم أن يكون ابن عباس كان يقنت في صلاة الصبح" وأراد بالقوم هؤلاء: عمرو بن ميمون والأسود وسعيد بن جبير وعمران بن الحارث ومجاهد بن جبر، فإنهم قالوا: لم يقنت ابن عباس في الفجر.
قال أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا وكيع قال: ثنا سفيان، عن واقد مولى زيد بن خليدة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -: "أنهما كانا لا يقنتان في الفجر".