وأراد بالأصحاب مثل: ابن الزبير وابن عباس وأبي الطفيل وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - وبتابعيهم مثل: عطاء والشعبي وميسرة وزاذان وإبراهيم النخعي.
قوله:"فإلى هلمه الآثار" يتعلق بقوله: "ذهب أصحابنا" وأراد بهم: أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا وأصحابهم.
قوله:"أن يخالفوها" في محل الرفع على الفاعلية، و"أن"مصدرية، أي: ولم يجز لهم مخالفتهم تلك الآثار.
"لأنه" أي لأن الشأن لم يرو عن أحد من الصحابة والتابعين خلاف ما ذكر من الآثار والأخبار، فإذن بطل حكم من يحكم في الآبار أيضًا باعتبار القلتين، ألا ترى أن ابن عباس وابن الزبير - رضي الله عنهم - لم يحكما في زمزم حين وقع الحبشي إلَّا بنزح الماء كله ولم يلتفتا إلى القلتين، وكذلك حكم علي - رضي الله عنه - في الفأرة، فهؤلاء يجب تقليدهم لأن الحق لا يعدو أقاويلهم.
ص: فإن قال قائل: فأنتم قد جعلتم ماء البئر نجسا بوقوع النجاسة فيها فكان ينبغي ألَّا تطهر تلك البئر أبدا. لأن حيطانها قد تشربت ذلك الماء النجس واستكنَّ فيها. فكان ينبغي ألا تطهّر.
قيل له: لم نر العادات جرت على هذا، قد فعل عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - ما ذكرنا في زمزم بحضرة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكروا ذلك عليه ولا أنكره من بعدهم؛ ولا رأى أحد منهم طَمَّها، وقد أمر رسول الله - عليه السلام - في الإناء الذي قد نجس من ولوغ الكلب فيه أن يغسل ولم يأمر أن يكسر، وقد تشرب من الماء النجس، فكما لم يأمر بكسر ذلك الإناء فكذلك لا يؤمر بطم تلك البئر.
ش: هذا السؤال وارد من جهة القياس، فتحريره: أنكم لما حكمتم بنجاسة ماء البئر بوقوعها فيه من غير اعتبار كثرة الماء وقلته وكثرة النجاسة وقلتها؛ فكان مقتضى القياس ألَّا تطهير نفس البئر أبدا؛ لأن حيطان البئر قد تشربت ذلك