ش: أي: قال مَنْ ذهب إلى أنها غير العصر، أراد أنهم احتجوا بهذه القراءة المذكورة في الأحاديث السالفة على أن الصلاة الوسطى غير صلاة العصر، وهذا ظاهر.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: وليس في ذلك عندنا دليل على ما ذكروا؛ لأنه قد يجوز أن تكون العصر مُسمّاة بالعصر ومُسمّاة بالوسطى، فذكرها ها هنا باسمَيْها جميعًا، هذا يجوز لو ثبت ما في تلك الآثار من التلاوة الزائدة على التلاوة التي قامت بها الحجة، مع أن التلاوة التي قامت بها الحجة رافعةٌ لكل ما خالفها.
ش: هذا منعٌ لاستدلالهم بما ذكروا؛ بيانه: أن ما ذكروا لا يدل على دعواهم دلالة تامة؛ لأنه يحتمل أن يكون هذا من عطف بعض الصفات على بعض كما ذكرنا الآن في قول الشاعر، وكما في قولك: جاءني زيد الكريم والعاقل. فإن الكريم والعاقل كلاهما من صفات زيد، فإن العطف ها هنا لا يدل على المغايرة، فكذلك قوله:"والصلاة الوسطى وصلاة العصر" من هذا القبيل، على أن هذا التأويل على تقدير ثبوت ما في تلك الآثار المروية عن حفصة وعائشة - رضي الله عنهما - من التلاوة الزائدة وهي:"وصلاة العصر" يعني: لو سلمنا ثبوت هذه التلاوة، فجوابه ما ذكرنا على أنا لا نسلم ذلك؛ لأن التلاوة التي قامت بها الحجة وهي التلاوة المشهورة التي ليس فيها:"وصلاة العصر" قد رفعت كل قراءة خالفتها، فحينئذٍ تكون قراءة "وصلاة العصر" منسوخة، وناسخها حديث البراء بن عازب على ما يجيء عن قريب إن شاء الله تعالى.
ص: وقد روي أن الذي كان في مصحف حفصة - رضي الله عنها - من ذلك غير ما روينا في الآثار الأول،
كما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عمرو بن رافع قال:"كان مكتوبًا في مصحف حفصة بنة عمر - رضي الله عنها -: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} "