للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو جعفر -رحمه الله-: فقد تبين بهذا ما صرفنا إليه تهويل الآثار الأُوَل من قوله: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر" أنه سمى صلاة العصر بالعصر وبالوسطى؛ فثبتت بهذا قول من ذهب إلى أنها صلاة العصر.

ش: أشار بهذا إلى بيان صحة ما ذكره من التأويل لما في حديث حفصة الذي ذكره آنفًا، بيانه: أنه قد روي أن المكتوب في مصحف حفصة كان على هذه الصورة (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وهي صلاة العصر) فقوله: "وهي صلاة العصر" تفسير لقوله: "الصلاة الوسطى" وهذا بعينه عين التأويل المذكور، فثبت بذلك أن صلاة العصر لها اسمان: صلاة العصر، والصلاة الوسطى، فعطف أحدهما على الآخر، ومثل هذا العطف يغني عن البيان والتفسير، ولا يدل على المغايرة، وثبت بذلك أبي قول من ذهب إلى أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وسقط بذلك دليل من يذهب إلى أن الصلاة الوسطى غير العصر.

وإسناد الحديث المذكور صحيح ورجاله كلهم ثقات، وأبو سلمة اسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.

فقد ذكرنا عن قريب أن البيهقي أخرج في "سننه" (١): من حديث أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي ونافع، كلاهما عن عمرو بن رافع، وفيه: اكتب: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة العصر وقوموا لله قانتين".

ص: وقد روي عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في ذلك ما يدل على نسخ ما روي في ذلك عن عائشة وحفصة - رضي الله عنها - كما حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا، قال: ثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: ثنا فضيل بن مرزوق، قال: ثنا شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "نزلت "حافظوا على الصلوات وصلاة العصر"


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>