فقرأناها على عهد رسول الله - عليه السلام - ما شاء الله، ثم نسخها الله -عز وجل- فأنزل:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}(١).
قال أبو جعفر -رحمه الله-: فأخبر البراء في هذا الحديث أن التلاوة الأولى هي كما روت عائشة وحفصة، وأنه نسخ ذلك التلاوةُ التي قامت بها الحجة، فإن كان قوله الثاني:"والصلاة الوسطى" نسخًا للعصر أن تكون هي الوسطى فذلك نسخ لها، وإن كان نسخًا لتلاوة أحد اسميها وتثبيتًا لاسمها الآخر؛ فإنه قد ثبت أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، فلما احتمل هذا ما ذكرنا، عُدنا إلى ما روي عن النبي - عليه السلام - في ذلك، فحدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شجاع بن الوليد، قال: أنا زائدة بن قدامة، قال: سمعت عاصمًا يحدث، عن زر، عن علي - رضي الله عنه - قال:"قاتلنا الأحزاب فشغلونا عن العصر حتى كربت الشمس أن تغيب، فقال النبي - عليه السلام -: اللهم املأ قلوب الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى نارًا، واملأ بيوتهم نارًا، واملأ قلوبهم نارًا، قال عليّ - رضي الله عنه -: كنا نرى أنها صلاة الفجر".
قال أبو جعفر: فهذا عليّ - رضي الله عنه - قد أخبر أنهم كانوا يرونها قبل قول النبي - عليه السلام - هذا؛ الصبح، حتى سمعوا النبي - عليه السلام - يومئذ يقول هذا، فعلموا بذلك أنها العصر.
ش: وجه النسخ ظاهر؛ لأن البراء صرّح به في روايته، ولكن قوله يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون قوله: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}(١) نسخًا للعصر عن أن تكون هي الوسطى.
والآخر: أن يكون هذا نسخًا لتلاوة أحد اسمي العصر كما قلنا: إن لها اسمين: العصر، والوسطى، فإذا نسخ أحدهما يكون تثبيتًا للآخر، فإذا كان كذلك يثبت أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، ولكن لما احتمل كلامه هذين الوجهين، رجعنا إلى ما روي عن غيره في الصلاة الوسطى، فوجدنا حديث علي - رضي الله عنه - يدل على أن